التفاسير

< >
عرض

لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٤٧
لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
٤٨
وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٤٩
-التوبة

تفسير الجيلاني

وإنما ثبتطهم سبحانه وكره نهوضهم، لأنه سحبانه علم منهم أنهم { لَوْ خَرَجُواْ } معكم، وكانوا { فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } فساداً بالغيبة والنميمة، وإيقاع الفتنة بينكم { ولأَوْضَعُواْ } أي: أسرعوا وأدخلوا ركائبهم { خِلاَلَكُمْ } ليتخللوا فيكم وليفرقوا جمعكم؛ حتى يشتغلوا بالنميمة، وإذ ازدحم العدو هزموكم بتفريق جمعكم وتشتيت شملكم، وبالجملة: إنما { يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ } أي: يطلبون إيقاع الفتنة بينكم بأي وجه كان { وَ } الحال أن { فِيكُمْ } وبينكم { سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أي: ضعفة يسمعون قولهم ويقبلون نصحهم، ويرغبون إليهم ويطيعون أمرهم { وَٱللَّهُ } المطلع لأحوال عباده { عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } [التوبة: 47] الخارجين عن مقتضى أوامره سراً وعلانية.
{ لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ } أي: ليس هذا أول ابتغائهم وإيقاعهم، بل أوقعوا الفتنة { مِن قَبْلُ } وأرجفوا بهلاكك، وشتتوا شمل أصحابك { وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ } أي: النصر والتأييد الثابت عنده، المقرر دونه سبحانه من نصر دينك وإعلائه، ونسخ الأديان كلها { وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ } وإعلاء كلمته { وَهُمْ كَارِهُونَ } [التوبة: 48] من خبث باطنهم ظهور دينك وارتفاع شأنك، وسمو برهانك.
{ وَمِنْهُمْ } أي: من المستأذنين المتخلفين { مَّن يَقُولُ } لك حين استأذنك بالعقود: { ٱئْذَن لِّي } إذ ليس لي قوة الخروج { وَلاَ تَفْتِنِّي } أي: لا توقعني في الفتنة بالخروج؛ إذ إني أخاف على نفسي من الفتنة والعصيان لو خرجت، قل لهم يا أكمل الرسل توبيخاً وتقريعاً: { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } أي: وقعوا في فتنة التخلف وظهور النفاق والشقاق باستذانهم وقولهم هذا { وَ } استحقوا العذاب والنكال { إِنَّ جَهَنَّمَ } البعد والخذلان { لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } [التوبة: 49] في الدنيا والآخرة، ومن شدة شكيمتهم وغيظ قلوبهم معك يا أكمل الرسل.