{إِن تُصِبْكَ} في بعض أسفارك وغزواتك {حَسَنَةٌ} ظفرة وغنيمة {تَسُؤْهُمْ} وتزيد غيظهم ونفاقهم {وَإِن تُصِبْكَ} في بعضها {مُصِيبَةٌ} كسر وهزيمة {يَقُولُواْ} تصحيحاً وتحسيناً لرأيهم الفاسد: {قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا} وأصبنا فيه {مِن قَبْلُ} أي: حين تخلفنا {وَيَتَوَلَّواْ} عن مجمعهم الذي يتشامتون فيه بالمؤمنين تبجحاً {وَّهُمْ} في رجوعهم وتفرقهم {فَرِحُونَ} [التوبة: 50] مسرورون.
{قُل} يا أكمل الرسل للمتشامتين المنافقين على مقتضى كشفك وشهودك بربك: {لَّن يُصِيبَنَآ} من الحوادث {إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ} المقدر للآجال والأرزاق، وجميع الأفعال والأحوال، والحوادث الجارية في عالم الغيب والشهادة {لَنَا} وخصصنا بها في حضرة علمه؛ إذ {هُوَ} بذاته {مَوْلاَنَا} ومولي جميع أمورنا يصنع بنا على مقتضى ما ثبت في حضرة علمه بلا تبديل ولا تغيير {وَ} ما لنا إلا الرضا بما جرى علينا وسيجري من القضاء؛ لذلك {عَلَى ٱللَّهِ} لا على غيره من الأسباب والوسائل؛ إذ مرجع الكل إليه، كما أن مبدأه منه أولاً بالذات {فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51] بتوحيد الذات، وسريان سر الوحدة على صفائح المكونات.
{قُلْ} لهم أيضاً: {هَلْ تَرَبَّصُونَ} أي: تترقبون وتنتظرون {بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ} أي: العاقبتين الحميدتين اللتين كل منهما محض خير، إمَّا النصرة وإمَّا الشهادة إذ وعدنا الله من فضله بهما {وَنَحْنُ} أيضاً {نَتَرَبَّصُ بِكُمْ} على مقتضى وحي الله وإلهامه {أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ} نازل {مِّنْ عِندِهِ} بلا دخل منا وصنع من كسف أو خسف وزلزلة وغيرها {أَوْ بِأَيْدِينَا} من القتل والأسر، والإجلاء والإذلال {فَتَرَبَّصُوۤاْ} وانتظروا لما وُعد لنا {إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52] أيضاً لما أوعدتم به؛ حتى ننظر كيف يجري حكم الله ومشيئته؟