التفاسير

< >
عرض

وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا
١
وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا
٢
وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا
٣
وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا
٤
وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا
٥
وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا
٦
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
٧
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
٨
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا
٩
وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا
١٠
-الشمس

تفسير الجيلاني

{ وَٱلشَّمْسِ } أي: وحق شمس الذات الأحدية، المتلألئة من سماء عالم الأسماء العماء، وأفق فضاء اللاهوت { وَ } بحق { ضُحَاهَا } [الشمس: 1] المنبسط على مرآة العدم القابلة لانعكاسها.
{ وَ } حق { ٱلْقَمَرِ } أي: الوجود الإضافي الكلي، المحيط على مطلق العكوس والأضلال المنعكسة من مرأة العدم، التي هي عبارة عن سراب العالم غيباً { إِذَا تَلاَهَا } [الشمس: 2] تبعها ولحقها؛ أي: شمس الذات في الإحطة والشمول.
{ وَٱلنَّهَارِ } أي: نشأة الظهور والبروز المنعكسة من عالم الأسماء والصفات { إِذَا جَلاَّهَا } [الشمس: 3] أي: شمس الذات، وفصلت آثار أسمائها وصفاها الكامنة فيها على صفحات الكائنات.
{ وَٱللَّيْلِ } أي: نشأة البطون والخفاء المنعكسة من عالم العماء، والسواد الأ؟لم الذي اضمحلت دونه نفوس عموم الكثرات، وتلاشت آثار الأسماء والصفات لكمال تشعشعها وبريقها { إِذَا يَغْشَاهَا } [الشمس: 4] حيث خفيت شمس الظهور من إفراط النور وكمال تشعشعها في البريق والظهور.
{ وَٱلسَّمَآءِ } أي: سماء الأسماء والصفات المزيَّنة بنجوم الآثار والشئون المرتفعة عليها { وَمَا بَنَاهَا } [الشمس: 5] من التجليات الحبية الجمالية والجلالية.
{ وَٱلأَرْضِ } أي: استعدادات القوابل السفلية، القابلة لانعكاس آثار العلويات { وَمَا طَحَاهَا } [الشمس: 6] ونشرها من الآثار المرتبة على الصفات الفعَّالة الإلهية.
{ وَنَفْسٍ } أي: روح فائضة من عالم الأسماء والصفات على هياكل المسميات وقوابل العلويات والسفليات؛ ليستفيد بتذكر الموطن الأصلي والمنشأ الجبلي { وَمَا سَوَّاهَا } [الشمس: 7] أي: عدَّلها وركَّبها ممتزجة من الآثار العلوية والسفلية.
وبعدما سواها وعدلها كذلك { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [الشمس: 8] على مقتضى ما أودع فيها من الآثار العلوية والسفلية، ثمَّ كلَّفها بما كلفها؛ ليتيمز المحق من المبطل، والضال من الهادي، والكافر من المؤمن؛ تتميماً للحكمة المتقنة البالغة الإلهية وإظهاراً للقدرة الغالبة.
ثمَّ قال سبحانه جواباً لهذه المقسمات المذكورة على سبيل الكناية والتنبيه: { قَدْ أَفْلَحَ } وفاز بما أفلح، وفاز عند الله من الدرجات العلية { مَن زَكَّاهَا } [الشمس: 9] أي: طهّر نفسه عن الرذائل السفلية، ومقتضيات اللاهوتية الإمكانية وأمانيها.
{ وَقَدْ خَابَ } خسر وهلك { مَن دَسَّاهَا } [الشمس: 10] أنقص عن كمالاتها وأضلها؛ حيث حملها على اقتراف المعاصي والآثام المترتبة على سفليات الطبائع والهيولى ورذائل الإمكان المورث لها أنواع الخيبة والخسران، وأصناف الحرمان والخذلان.