التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ
٦
وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ
٧
وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ
٨
فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
٩
وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ
١٠
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
١١
-الضحى

تفسير الجيلاني

وبعدما سمعت يا أكمل الرسل من الوعد الإلهي ما سمعت تذكر كرم ربك منك فيما مضى، وترقب من كراماته التي ستأتيك، وبالجملة: لا تيأس من روح الله ورحمته، وكيف تيأس أيها النبي المغمور في بحار لطفه وجوده؟! { أَلَمْ يَجِدْكَ } ويصادفك ربك مع كونك { يَتِيماً } بلا رشد ومرشد { فَآوَىٰ } [الضحى: 6] أي: ضمَّك نحوه سبحانه وجذبك عنك إليه، وقرن اسمك باسمه.
{ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ } خالياً عن الحِكم والأحكام، منهمكاً في لوازم الإمكان { فَهَدَىٰ } [الضحى: 7] أي: هداك وأرشدك إلى الإسلام، وأوصلك إلى زلال التوحيد والعرفان.
{ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً } فقيراً حسب إمكانك ومقتضيات بشريتك الموروثة لك من نشأة ناسوتك { فَأَغْنَىٰ } [الضحى: 8] أي: أغناك بغنائه بعدما أفناك فيه، وشرَّفك بخلع اللاهوت بعدما أخرجك عن ملابس الناسوت.
وبعدما كننت يتيماً فآواك ربك، ووجدك ضالاً فهداك، ووجدك فقيراً فأغناك، وبالجملة: كرَّمك واصطفاك وعظَّمك واجتباك { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ } الفاقد للرشد والرشيد { فَلاَ تَقْهَرْ } [الضحى: 9] متى يأوي إليك للارسترشاد لا تردعه ولا تزجره، وكلِّم معه حسب استعداده وقابليته إلى حيث توصله وترشده إلى طريق الطلب والإرادة.
{ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ } الذي يسأل من مكنونات ضميرك ومن السرائر المودعة فيك من الودائع اللاهوتية { فَلاَ تَنْهَرْ } [الضحى: 10] أي: لا تمنعه ولا تخيِّبه، بل أحسن إليه كما أحسن الله إليك حسب استفاضته واستعداده.
{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } وهدايته وإرشاده { فَحَدِّثْ } [الضحى: 11] يا أكمل الرسل مع المسترشدين المستكملين، فإن حديثك من سرائر الدين وأسرار المعرفة واليقين مع المؤمنين المسترشدين والطالبين، المستوجبين الشكر منك لنعم الله وأداء لحقوق كرمه واستجلاب لمزيد إنعامه وإفضاله.
خاتمة السورة
عليك أيها المحمدي المزم لتعديد نعم الحق على نفسك أن تداوم وتواظب على أداء حقوقه ما وصل إليك من النعم العظام والكرم الجسام، فلك أن تحدث في عموم أوقاتك وحالاتك عن كرم مولاك، وتشكره على ما أولاك من الاَلاء والنعماء في أُولاك ووعد لك في أخراك.
وبالجملة: كن من الشاكرين لنِعَم الله، المحدِّثين بحقوق كرمه، ولا تكن من الغافلين في حال من الأحوال، وسبَّح بحمد ربك بالغدو والآصال.