التفاسير

< >
عرض

وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ
١
وَطُورِ سِينِينَ
٢
وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ
٣
لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
٤
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ
٥
إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
٦
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ
٧
أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ
٨
-التين

تفسير الجيلاني

{ وَ } حق { ٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } [التين: 1] هما جبلان في الأرض المقدسة، يكثر فيها كلتا الفاكهتين.
{ وَطُورِ سِينِينَ } [التين: 2] أي: الجبل الذي ناجى عليه موسى الكليم مع ربه.
{ وَ } لا سيما بحق { هَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } [التين: 3] يعني: مكة - شرفها الله - سماها أميناً؛ لأن من دخله إيماناً واحتساباً كان آمناً من العذاب الأليم.
وبالجملة: بحق هذه المقسمات العظام { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ } أي: جنسه { فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [التين: 4] وأقوم تعديل؛ إذ لا مظهر أعدل منه وأقوم بحسب الظاهر والباطن؛ لذلك اصطفيناه لخلافتنا من بين خليقتنا.
{ ثُمَّ } بعدما تعلق إرادتنا لرداءة فعله { رَدَدْنَاهُ } وأحطناه من تلك المرتبة العلية والدرجة السنية { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } [التين: 5] وهي مقتضيات الإمكان، المستلزم لدركات النيران، وسلاسل أمانيها وأغلال آمالها.
{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بوحدة الحق { وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ } المخلصة لهم عن قيود الإمكان، المقربة لهم إلى فضاء الوجوب { فَلَهُمْ } بعدما وصلوا إلى عالم اللاهوت { أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [التين: 6] أي: نعم لا تنقطع، ولا يمن بها عليهم أصلاً.
وبعدما نبه سبحانه على ما نبه بأبلغ وجه وأوكده، حيث عموم الإنسان على الإيمان ورغبهم إلى اليقين والعرفان، فقال على وجه التقريع والتوبيخ: { فَمَا يُكَذِّبُكَ } أي: أي شيء يحملك على الكفر والطغيان والتكذيب والكفران أيها الإنسان المجبول على فطرة التوحيد والعرفان { بَعْدُ } أي: بعدما ظهر الحق، ولاحت دلائل التصديق وأمارات اليقين { بِٱلدِّينِ } [التين: 7] القويم، والسبيل المستقيم؟!
{ أَلَيْسَ ٱللَّهُ } القادر المقتدر على أمثال هذا الرد والخلق بالإرادة والاختيار { بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ } [التين: 8] على كل ما شاء، وأراد، سواء كان بدءاً أو إعادة، فله أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا يسأل عن فعله، إنه حكيم حميد.
خاتمة السورة
عليك أيها المحمدي الطالب للتقرر والثبوت على جادة التوحيد التي هي أحسن تقويم الإنسان، وأعدل طريقه أن تتأمل في هذه الصورة حق التأمل، وتدخر لنفسك من فوائدها ما هو أهم، فعليك التوبة إلى الله، والإتيان بصوالح الأعمال، والاجتناب عن فواسدها.
وإياك إياك أن تتلطخ بقاذورات الدنيا، وتنغمس بأمانيها، فإنها ترديك وتردك إلى أدنى مراتب الإمكان الجالب لأسفل دركات النيران، وتغويك فيها بأنواع الخيبة والخذلان.