التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ
٧
جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ
٨
-البينة

تفسير الجيلاني

ثمَّ قال سبحانه إلى مقتضى سنته المستمرة: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } منهم بوحدة الحق وصدقوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقبلوا دعوته ودينه حسب ما وجدوا في كتبهم، وسمعوا وصفه من أسلافهم بلا تحريف ولا تغيير { وَ } مع ذلك { عَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المقربة لهم إلى الله والمرضية عنده سبحانه { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبولون عند الله { هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } [البينة: 7] وأحسن الخليقة.
{ جَزَآؤُهُمْ } الذي استحقوها بإيمانهم وأعمالهم { عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } منتزهات علم وعين وحق { تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي: جداول المعارف والحقائق المتجددة، المرشحة من بحر الحقيقة { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } دائمين فيها سرمداً، وبالجملة: { رِّضِىَ ٱللَّهُ } المفضل المنعم العليم الحكيم { عَنْهُمْ } وعن أعمالهم ونياتهم وأخلاقهم فيها { وَرَضُواْ } أيضاً { عَنْهُ } سبحانه بما قسَّم الله لهم، وأفاض عليهم بمقتضى استعداداتهم وقابلياتهم، وبالجملة: { ذَلِكَ } الأجر الجزيل والرضا الجميل { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } [البينة: 8] وخاف من سخطه وغضبه، فامتثل بأوامره واجتنب عن نواهيه، واتصف بالتقوى عن مطلق محارمه ومحظوراته.
جعلنا الله من زمرتهم.
خاتمة السورة
عليك أيها الراجي لقبول الحق والرضاء أن تصفي سرك عن مطلق الرعونات المنافية للرضا عما جرى عليه القضاء، وتخلي ضميرك عن الميل إلى مطلق البدع والأهواء المبعدة عن التقرب نحو المولى، فلك التسليم والرضا، والتبتل نحو الحق في السراء والضراء، والتوكل عليه في الخصب والرخاء، فإنه لا تحرك في ملكه إلاَّ ما يشاء.