التفاسير

< >
عرض

ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ
١
ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ
٢
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ
٣
كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ
٤
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ
٥
نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ
٦
ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ
٧
إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ
٨
فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ
٩
-الهمزة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

أيها [الغافل] قول الخليل الذي يأمرك بطاعة ربك وينهاك عن مخالفته، وعن الاشتغال بالشهوات العاجلة الفانية الصارفة لك عن اللذات الآجلة الباقية، أما تسمع ما يقول الله تعالى: { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } [الهمزة: 1]؛ والهمزة هي القوى النفسية الحسودة المرائية التي تعبيك في غيبك، وإذا وجدت خلاً مع الشيطان طففت في معائب القوى القلبية، واللمزة هي القوى النفسية الوقيحة التي تعيبك في وجهك وتقابل خاطرك القلبي بالمكابرة والمجادلة، فاجتهد حتى تشاهد الهمزة واللمزة اللتين هما من قوى نفسك لتشتغل بدفعها، وهما جمعتا الاستعدادات القالبية والقوى الطبيعية وظنا أنهما خالدات معها، وما عرفنا أن تلك الاستعدادات في الحقيقة مثل الحطب لهما عند اشتعال نيران حطمة نفسها بنار الله الموقدة في صدرها المطلعة أفئدتها؛ أي: على حقيقتها، كما يقول تعالى: { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } [الهمزة: 2-5]، الحطمة ما جمع الرجل من الحطام وهي مثل الحطب، { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ * ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } [الهمزة: 6-8]؛ أي: تلك النار عليهم مطبقة طبقاً فوق طبق { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } [الهمزة: 9]؛ يعني: لإطباقها أوتاد معلقة على صاحبها، ممددة إلى قعر الدركات القالبية.
فأشفق على نفسك إيها السالك وادفع شر الهمزة واللمزة عن نفسك اليوم، وأطفئ { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } [الهمزة: 6] بذكر الله تعالى، ولا تحسب أن { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } [الهمزة: 6] مختصة بك لا بل عامة، ولكن من يجمع الحطب الرطب الحظوظي يحرق الحطب ويظلم على صاحب البيت بالدخان الحاصل من رطوبة الحظوظ الهووتية، ومن يجمع العمود اليابس القماري يحرق العود ويتنور البيت بنار المحبة، ويملأ دماغ السالك من روائح المعرفة، فالجامع أنت ووقت الجمع يومك، فانظر ما تجمع.
اللهم وفقنا لجمع العود، وهو الطاعة والعبادة، فالمدخرة نار المحبة ورائحة المعرفة.