التفاسير

< >
عرض

وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً
٢٩
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً
٣٠
أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً
٣١
-الكهف

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } [الكهف: 29] في التبشير والإنذار وبيان السلوك لمسالك أرباب السعادة والاحتراز عن مهالك أصحاب الشقاوة.
{ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن } [الكهف: 29] من قلوب أهل السعادة { وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29] من نفوس أهل الشقاوة. وأيضاً، ومن شاء فليؤمن من نفوس أهل السعادة، ومن شاء فليكفر من قلوب أهل الشقاوة { إِنَّا أَعْتَدْنَا } [الكهف: 29] في الأزل { لِلظَّالِمِينَ } [الكهف: 29] وهم الكافرون بما وجب الإيمان به المؤمنون بما وجب الكفر به { نَاراً } [الكهف: 29] وهي نار القهر والغضب { أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } [الكهف: 29] وهي سرادق العزة { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ } [الكهف: 29] أي: وجوه الأرواح الناضرة المستعدة للنظر إلى ربها؛ أي: يفسد استعدادها للنظر { بِئْسَ ٱلشَّرَابُ } [الكهف: 29] شراب اليأس والقطيعة { وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } [الكهف: 29] مرتفق البعد والطرد.
ثم أخبر عن إحسان أهل الإيمان بقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } [الكهف: 30] يشير إلى أن لأهل الإيمان والأعمال الصالحات جزاء يناسب صلاحية أعمالهم وحسنها، فمنها أعمال تصلح للسير إلى الجنان وغرفها وهي الطاعات القلبية من الصدق في طلب الحق والإخلاص في التوجه له بترك الدنيا، والإعراض عما سوى الله، والإقبال على الله بالكلية، والتمسك بذيل إرادة شيخ كامل فاضل مكمل، ليسلِّكه على طريق المبالغة ظاهراً وباطناً، فلا نضيع أجر عمله إن أحسنه وهو إذ يعبد الله على مشاهدته أو لشهوده { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ } [الكهف: 31] أي: جزاءهم وأجرهم { جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ } [الكهف: 31] للنفوس درجات الجنان ونعيمها { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } [الكهف: 31] للقلوب أعلى مقامات القرب.