التفاسير

< >
عرض

رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ
١٠٧
قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ
١٠٨
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ
١٠٩
فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ
١١٠
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ
١١١
-المؤمنون

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا } [المؤمنون: 107] أي: من جهنم أنفسنا { فَإِنْ عُدْنَا } أي ميلان لعالم الطبيعة لمخالفة الشريعة وترك الطريقة { فَإِنَّا ظَالِمُونَ } [المؤمنون: 107] لأنفسنا، { قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108] لأنكم أفسدتم الاستعداد فإنه ليس من شيئاً أصلاً بعدنا.
ثم بيَّن فساده فقال: { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي } [المؤمنون: 109] أي: خواص عبادي وهم العلماء بالله التجأ لله بالله { يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } [المؤمنون: 109] يعني: الذين كانوا أهل الطلب وأرباب القلوب السائرين إلى الله يدعون الخلق إلى الله بطريق المعاملة مع الله يفضحون بمدحه وثنائه، الهادين للخلق إليه بإظهار آلائه ونعمائه { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً } [المؤمنون: 110] فضربتم أنفسكم على سيوف هممهم العالية { حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي } [المؤمنون: 110] بهممهم ورد الولاية { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } [المؤمنون: 110] بالاستهزاء لما ماتت قلوبكم فإن كثرة الضحك تميت القلب، فمن لم يمت قلبه لم يضحك على أولياء الله تعالى.
{ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ } [المؤمنون: 111] أي: الأولياء { بِمَا صَبَرُوۤاْ } على أذاكم واستهزائكم بهم { أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } [المؤمنون: 111] بالوصول والوصال، وفيه من الطرائف أن أهل السعادة كما ينتفعون بمعاملاتهم الصالحة من الخلة ينتفعون بإنكار منكريهم واستهزاء مستهزئيهم، وأهل الشقاوة كما يخسرون بمعاملاتهم الفاسدة مع أنفسهم يخسرون باستهزائهم وإنكارهم على الناصحين المرشدين.