التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٨٨
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ
٨٩
بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
٩٠
مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
٩١
عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٩٢
-المؤمنون

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

ثم أخبر عن استدلال آخر على استقلال عقولهم بقوله تعالى: { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } [المؤمنون: 88] إلى أن لكل شيء ملكوت وهو روحه في عالم الملكوت الذي هو قائم له يسبح الله تعالى به لقوله عز وجل: { { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء: 44] وروح ذلك التي بيد الله { وَهُوَ يُجْيِرُ } الأشياء عن الهلاك بالقيومية { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي: لا مانع ممن أراد هلاكه { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أحداً بهذه الصفة غيره، فأجيبوني به!
{ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } [المؤمنون: 89] اعترافاً بالعجز { قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } فقال: أولاً فقل أفلا تذكرونهم، قال بعده أفلا تتقون؛ قدم التذكر على التقوى، فإن بتذكيرهم يصلون إلى المعرفة، وبعد أن عرفوه علموا الله تعالى عليهم اتقاء مخالفته، ثم قال بعد ذلك: { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } أي: كيف تخيل لكم الحق باطلاً والباطل حقاً وضوح الحجة، فأي شك بقي حتى تنسبونه إلى السِّحر { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [المؤمنون: 90] بين أنهم له على جحودهم وأقاموا على عتوهم فيتوهم بعد أن أُزيحت العلل فَلاتَ حين عذر، وليست [المساهلة موجب بقاء].
وبقوله تعالى: { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } [المؤمنون: 91] يشير إلى أن اتخاذ الولد والشريك يوجب المساواة في القدر والصمدية فتقدس عن جواز أن يكون له مِثل أو جنس، ولو تصورنا جوازه { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } فكل أمر نيط عن اثنين فقد انتفى عن النظام وصحة الترتيب { سُبْحَانَ ٱللَّهِ } تقديساً وتنزيهاً { عَمَّا يَصِفُونَ } أي: وصفوه به { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } [المؤمنون: 92] أي: عالم الملك والملكوت والأرواح والأجساد { فَتَعَالَىٰ } الله وتنوه { عَمَّا يُشْرِكُونَ } بأن يكون له في العالمين شبيه أو شريك أو ولد.