التفاسير

< >
عرض

وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ
٢٢٤
أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ
٢٢٥
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ
٢٢٦
إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ
٢٢٧
-الشعراء

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

ثم أخبر عن أهل الكذب والافتراء أكثرهم من الشعراء بقوله تعالى: { وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } [الشعراء: 224-225] يشير إلى أن الشعراء بحسب مقامتهم ومطره نظرهم ومنشأ قصدهم ونياتهم إذا اسلكوا على أقدام التفكر مفاوز التذكر في طلب المعاني ونظمها وترتيب عروضها وقوافيها، وتدبير تجنيسها وأساليبها يتبعهم الشياطين الغاوون ويوقعونهم في الأباطيل والأكاذيب فيهيمون في كل وادٍ من المدح والذم والهجاء والكذب والفحش والشتم واللعن والافتراء والدعاء والتكبر والتفاخر والتجاسر والعجب والإرادة وإظهار الفضل والدناءة والخسة والطمع والتكدي والذلة والمهانة وأصنافه والأخلاق الرذائل والطعن في الأنساب والأغراض وغيرك من الآفات التي من توابع الشعر ليوصلوا بها إلى أسفل دركات الجحيم وبأنهم يقولون عند التصلف والدعاوي ما يفعلون.
وبقوله: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [الشعراء: 227] إلى قوله: { مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } [الشعراء: 227] يُشير إلى أنه كمال أرباب النفوس في الشر سلوك على أقدام التفكر؛ ليصلوا إلى أسفل دركات الجحيم كذلك لأرباب القلوب في الشعر سلوك على أقدام التفكر بنور الإيمان وقوة العمل الصالح وتأييد الذكر الكثير ليصلوا إلى أعلى درجات القرب، وتؤيدهم الملائكة بدقائق المعاني بل يوفقهم الله لاستخلاف الحقائق ويلهمهم بالألفاظ [الدقائق التي] فيه الإلهام في كل واد من المواعظ وتحبيبهم إلى الله وتحبيب الله إليهم وشرح المعارف، وبيان الوصول والحشر على السير والتحذير عن الآفات القاطعة للسير، وذكر الله وثنائه ومدح النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وهجاء الكفار استنفاراً كما قال صلى الله عليه وسلم لحسان:
"اهجي المشركين قال جبريل معك" : { وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } [الشعراء: 227] بالشعر المنهي عنه { أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } [الشعراء: 227] يرجعون.