التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً} [آل عمران: 85]؛ أي: غير الاستسلام الذي هو سير النبي صلى الله عليه وسلم ودينه في المنشط والمكره، وغير تفويضه وتسليمه إلى الله تعالى في حلو قضائه وأمره، {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، الذين خسروا دولة متابعته؛ لينالوا بها مقام المحبوبية ويهتدوا إلى الله به {كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: 86]، قد احتجبوا بالصفات الإنسانية والطبائع الحيوانية، عن الأخلاق الربانية بعد أن أمنوا بالله {وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: 86]، إيمانهم الدلالات الواضحات، وشاهدوا الآيات المعجزات، وكفروا بهذه المنعم، وما عرفوا قدرها وما قاموا بحق شكرها {وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ} [آل عمران: 86]، الذين أعرضوا عنه وأقبلوا على أهوائهم {أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ} [آل عمران: 87]، الطرد والبعد {وَٱلْمَلاۤئِكَةِ}، الطعن فيهم، كما قالوا: { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } [البقرة: 30]، [آل عمران: 87]، ولعنة {وَٱلنَّاسِ} [آل عمران: 87]، نفرتهم وتباعدهم وتقريعهم ولومهم {أَجْمَعِينَ} [آل عمران: 87]، {خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ} [آل عمران: 88]؛ أي: عذاب الطرد والبعد واللعن {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} [آل عمران: 88]، لحظة من لمحة من العذاب {إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ} [آل عمران: 89]، راجعوا إلى الله وأقبلوا بكليتهم إليه وأعرضوا عما سواه {مِن بَعْدِ ذٰلِكَ} [آل عمران: 89]، الظلم على أنفسهم، {وَأَصْلَحُواْ} [آل عمران: 89]، أعمالهم وأحوالهم مع الله تعالى {فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 89]، يغفر لهم ذنوبهم ويمحوا عنهم خطاياهم ويستر به عنهم برحمته وكرمه.