التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧
قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٨
أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
١٩
يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي ٱلأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً
٢٠
-الأحزاب

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

ثم قال { قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً } [الأحزاب: 17] ومن الذي تحقق لكم من دونه مرجوا أو يمنعه منكم إن أراد بكم رحمة { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } [الأحزاب: 17] لو عرفوه حق المعرفة { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ } [الأحزاب: 18] عن قتال النفس وجهادها وهم الهوى والشيطان والدنيا وشهواتها، { وَ } هم { ٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ } وهم الحواس الظاهرة والباطنة والجوارح والأعضاء { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي كونوا أتباعاً لنا لتنتفعوا { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً } [الأحزاب: 18] القتال والجهاد مع النفس وأعوانها الملازمة أحكام الشريعة على وفق الطريقة { إِلاَّ قَلِيلاً } من الأركان الظاهرة دفعاً للطعان والجدود.
ثم وصف المعوقين عن الطلب والمانعين عن الجهاد، فقال: { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } [الأحزاب: 19] بخلاء فيما يصل إليكم يا أرباب الطلب من ثمرات المجاهدات، فإن المجاهدات تورث المشاهدات { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ } من عذاب الآخرة عند تذكرها { رَأَيْتَهُمْ } أي: رأيت النفس وصفاتها { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ } [الأحزاب: 19] بالحسرة والندامة، وقد طاشت من الرعب قلوبهم وطاحت بضائرهم { كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا } [الأحزاب: 19] جاءت الغفلة و{ ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ } أيها الطلاب { سَلَقُوكُمْ } [الأحزاب: 19] إخوان السوء وإخوان الشياطين { بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } بأنواع التعريفات وأصناف الفترات { أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ } بأن يصيبكم من فضل الله وكرمه { أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ } [الأحزاب: 19] يُشير به إلى مدعي الطلب إذا ارتد عن الطلب، فإن المشايخ قد قالوا: إن مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة؛ ولهذا قال تعالى: { فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ } [الأحزاب: 19] لأنها لم تكن في إيمان حقيقي بل كان بالتقليد والرياء والسمعة، وكان ذلك الرد والإبطال على الله يسيراً.