التفاسير

< >
عرض

وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ
١١٣
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ
١١٤
وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ
١١٥
وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ
١١٦
وَآتَيْنَاهُمَا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ
١١٧
وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ
١١٨
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ
١١٩
سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ
١٢٠
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٢١
إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٢٢
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٢٣
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ
١٢٤
أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ
١٢٥
ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ
١٢٦
فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
١٢٧
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٢٨
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ
١٢٩
سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ
١٣٠
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٣١
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٣٢
-الصافات

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

يقول الله تعالى: { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ } [الصافات: 113] يشير إلى أنه بارك على إبراهيم الروح، وإسحاق القلب، { وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا } [الصافات: 113]؛ أي: ومما يتولد من صفاتهما { مُحْسِنٌ } [الصافات: 113] في الطاعة والعبودية بالإخلاص، { وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ } [الصافات: 113]؛ أي: ظالم ظَلَمَ على نفسه في طلب الحق تعالى.
ثم أخبر عن أبناء الأنبياء بقوله تعالى: { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [الصافات: 114]، يشير إلى موسى القلب وهارون السر بأن نجاهما من غرق بحر الدنيا وماء شهواتها، كما قال تعالى: { وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُمْ } [الصافات: 115-116]؛ يعني: موسى القلب وهارون السر وصفاتهم، على فرعون النفس وصفاتهما، { فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ * وَآتَيْنَاهُمَا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ } [الصافات: 116-117] من العلوم الحقيقية والإلهامات الربانية، { وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [الصافات: 118] إلى الحضرة، { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ } [الصافات: 119] بالثناء الحسن عليهما وبالاقتداء بهما، { سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [الصافات: 120] سلام الحفظ والرعاية وسلامتها عن الآفات بالكلأة، { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [الصافات: 121] بالإحسان والتوفيق للإحسان، { إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الصافات: 122]، يشير إلى أن من توفيقنا إياهما للإحسان وفقناهما ليكونا من عبادنا المؤمنين؛ يشير إلى أن من توفيقنا إياهما للإحسان وفقناهما ليكونا من عبادنا المؤمنين.
{ وَإِنَّ إِلْيَاسَ } [الصافات: 123] الروح { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الصافات: 123]، فقد أرسل إلى قومه من القلب والنفس وصفاتهما { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } [الصافات: 124]، فتقوى القلب أن تبقى بالله من الله، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول:
"أعوذ بك منك" ، وتقوى النفس أن يتقي برضاه من سخطه وبما فاته من عقوبته، { أَتَدْعُونَ بَعْلاً } [الصافات: 125]؛ أي: أتدعون بعل الدنيا القبيحة، { }وَتَذَرُونَ [الصافات: 125] عبادة { أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } [الصافات: 125]، الذي خلقكم وخلق أباءكم الأولين؛ يعني: الأرواح والآباء العلوية، وذلك قوله: { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [الصافات: 126]، { فَكَذَّبُوهُ } [الصافات: 127] أي: النفس وصفاتها { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 128]، من عبودية غير الحق، وهم القلب والسر وأوصافهما، { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ } [الصافات: 129]؛ أي: الثناء الحسن على إلياس الروح { فِي ٱلآخِرِينَ } [الصافات: 129] من الأنبياء والأمم.
{ سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } [الصافات: 130]؛ أي: القلب والسر وأوصافهما من عبودية غير الحق، وهم القلب والسر وأوصافهما، فإنهم إل ياسين الروح، { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [الصافات: 131]، بأن يحسن معهم بتقديم سلامنا عليهم، سلام السلامة في العبودية على الدارين، والخلاص عن آفات الكونين، وبأن نجعله من عبادنا المؤمنين المخلصين عن عبودية الهوى والدنيا والعقبى.