التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
ثم أخبر عن الطاغين الباغين بقوله تعالى: { هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } [ص: 55]، يشير إلى أن لأهل الطغيان الذين أعرضوا عن الحق تعالى لشر مرجع { جَهَنَّمَ } [ص: 56] البعد والطرد { يَصْلَوْنَهَا } [ص: 56] يوم القيامة، ولكنهم اليوم مهدوا لأنفسهم { فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ * هَـٰذَا } [ص: 56-57]؛ أي: هذا الذي مهدوا اليوم، { فَلْيَذُوقُوهُ } [ص: 57] يوم القيامة، ولكنهم اليوم مهدوا لأنفسهم؛ يعني: قد حصَّلوا اليوم معنى صورته، { حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } [ص: 57] يوم القيامة، ولكن مذاقهم بخلل يجدون ذوق ألم عذاب ما حصَّلوه لسوء أعمالهم فليذوقوه يوم القيامة.
{ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } [ص: 58]؛ أي: فنون آخر من مثل ذلك العذاب، يشير به إلى: إن لكل نوع من المعاصي نوعاً آخر من العذاب، كما أن لكل بذر يزرعون يكون له ثمرة تناسب البذر.
وكما أخبر عن حال الأتباع والمتبوعين { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ } [ص: 59]؛ أي: يسأل الخزنة للمتبوعين، هل دخل الأتباع معكم مرجعكم؟ فإنهم زرعوا ما زرعتم، هل يحصدون معكم ما تحصدون؟ قال المتبوعون: { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } [ص: 59]؛ يعني: بالأتباع لا تعذر بما عملنا، وبما عمل الأتباع باتباعهم إياهم { إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } [ص: 59] معنا، { قَالُواْ } [ص: 60] الأتباع، { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } [ص: 60] بأمركم ما وافقناكم { فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } [ص: 60] قرارنا وقراركم.
وبقوله: { قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } [ص: 61]، يشير إلى أن للمتبوعين ضعف عذاب الأتباع، عذاب ضلالة أنفسهم، وعذاب إضلال المتابعين لهم، كما قال تعالى: { { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } [النحل: 25].