التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً
٦٦
وَإِذاً لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً
٦٧
وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٦٨
وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً
٦٩
-النساء

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } [النساء: 66]، بسيف الصدق والمجاهدة ومعاندتها، { أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ } [النساء: 66] بالفناء في عالم البقاء المعني، { { وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [النساء: 65]، { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } [النساء: 66]، ثم الكلام هاهنا في محك نقد الإيمان وعبارة ثم قال تعالى: { مَّا فَعَلُوهُ } [النساء: 66]؛ أي: وما فعلوه إلا قليلاً من مدعي الإيمان؛ يعني: ما صح على هذا المحك إلا نقد { إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ } [النساء: 66] من قتل النفس بسيف الصدق عن شهواتها وإتباع هواها، { لَكَانَ } [النساء: 66] مقام الجهاد وشهادة النفس ونيل درجة الصديقين، { خَيْراً لَّهُمْ } [النساء: 66] من شهوات النفس واستفاء اللذات الجسمانية الحيوانية { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } [النساء: 66] في مقامات الروحانية وقربات الربانية، { وَإِذاً لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً } [النساء: 67]؛ وهي العلوم اللدنية، { وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [النساء: 68] للوصول إلى حضرة الربوبية بجذبات الإلهية.
ثم أخبر عن فضله مع الطاعات كل على قدر الاستطاعة بقوله: { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } [النساء: 69]، إلى قوله:
{ { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً } [النساء: 70].
والإشارة فيها: إن من يطع الله في أحكامه الأزلية وأفعال الأبدية، والرسول في مطاوعته فيما جاء به، ومتابعته في سلوك المقامات والوصول إلى القربات { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } [النساء: 69] في المقامات والقرب والوصول، { مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ } [النساء: 69] قم أنعم الله عليهم بالنبوة، { وَٱلصِّدِّيقِينَ } [النساء: 69]؛ وهم أرباب الوصول والوصال وقد انعم الله عليهم بالولاية
{ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } [يونس: 2]، { وَٱلشُّهَدَآءِ } [النساء: 69]؛ وهم أصحاب الجهاد والقتال وقد أنعم الله عليهم بالشهادة، { وَٱلصَّالِحِينَ } [النساء: 69]؛ وهم المستعدون للولاية وقد انعم الله عليهم بالصلاح والسداد، فأولئك هم المطيعون رزقوا معية هؤلاء، والسعادة على قدر الطاعة لله تعالى وعلى قدر المحبة لهؤلاء ومتابعتهم لسلوك المقامات والوصول إلى القربات، لقوله صلى الله عليه وسلم: " { من أحبَّ قوماً فهم معهم } "، وقال صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" ، وقال تعالى: { { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } [آل عمران: 31]، { وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ } [النساء: 69]، المطيعون مثل هؤلاء الرفقاء في سلوك طريق الحق { رَفِيقاً } [النساء: 69]، فإن هذا الطريق غير مسلوك بغير رفيق من هذا الفريق.