التفاسير

< >
عرض

بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً
١٢
وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً
١٣
وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
١٤
سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٥
-الفتح

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

وبقوله: { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } [الفتح: 12]، يشير إلى أن كل من خلق أن يصيبه في الغزو قتلاً وجراحة أو ما يكره من المصائب، ثم يتخلف عن الغزو فإنه من الهالكين، وقد استولى الشيطان على قلبه فزين في قلبه الحياة الدنيا؛ ليؤثرها على الحياة الأخروية، التي وعدت الشهداء الدرجات العلا في الجنة والقربات في جوار الحق تعالى.
وبقوله: { وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً } [الفتح: 13]، يشير إلى أن سعير النفوس ونوران شعلة صفاتها اعتدناها مستولية على قلوب من لم يؤمن بالله ورسوله، فمن أطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير نفسه.
{ وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [الفتح: 14]؛ أي: ملك سماوات القلوب وأرض النفوس، { يَغْفِرُ } [الفتح: 14] نفس { لِمَن يَشَآءُ } [الفتح: 14]، ويزكيها عن الصفات الذميمة، ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة:
{ { ٱرْجِعِي } [الفجر: 28]، { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } [الفتح: 14] باستيلاء صفات النفس عليها وبقلبه، كما لم يؤمن به أبداً { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } [الفتح: 14] القلب من يشاء، { رَّحِيماً } [الفتح: 14] لنفس من يشاء، يؤتي ملك نفس من يشاء لقلبه، وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتي لنفسه.
{ سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ } [الفتح: 15]؛ أي: النفس المتمردة { إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ } [الفتح: 15]؛ أي: إذا انطلقت القلوب المجذوبة إلى حضرة الربوبية { إِلَىٰ مَغَانِمَ } [الفتح: 15] مواهب الحق تعالى إلى مغانم؛ { لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ } [الفتح: 15]؛ أي: في حقهم، وهو قوله:
{ { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ } [يوسف: 53]، { قُل } [الفتح: 15]، يا قلب السليم للنفس المتمردة، { لَّن تَتَّبِعُونَا } [الفتح: 15] في طلب الحق تعالى، { كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ } [الفتح: 15] النفوس، { بَلْ تَحْسُدُونَنَا } [الفتح: 15] أيها القلوب، { بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ } [الفتح: 15]؛ يعني: النفوس { إِلاَّ قَلِيلاً } [الفتح: 15]، وهو المتاع الدنيا؛ يعني: لا يتجاوز ميمَّة النفوس عن المتاع الدنيوي القليل.