التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٦
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١٧
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٨
-الحجرات

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

وبقوله: { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ } [الحجرات: 16]، يشير إلى أن التوفيق في الأمور الدنيا وحقيقتها معتبر واجب وموكولة إلى الله؛ فالأسامي منه توجد والأحكام منه تطلب وأمره يتبع، { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } [الحجرات: 16] سماوات القلوب من استعدادها في العبودية، { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [الحجرات: 16] أرض النفوس من تمردها عن العبودية، { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ } [الحجرات: 16] جبلت القلوب والنفوس عليه { عَلِيمٌ } [الحجرات: 16]؛ لأنه تعالى أودعه فيها عند تخمير طينة آدم بيده.
{ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ } [الحجرات: 17]؛ أي: استسلم لك ظاهرهم، { قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ } [الحجرات: 17]؛ أي: تسليم ظاهركم لي؛ لأنه ليس هذا من طبيعة نفوسكم المتمردة، { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ } [الحجرات: 17]، إذا كتب في قلوبكم الإيمان؛ فانعكس نور الإيمان من مصباح قلوبكم إلى مشكاة نفوسكم، فتنورت واستضاءت بنور الإسلام، فإسلامكم في الظاهر من فرع الإيمان الذي أودعت في باطنكم { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [الحجرات: 17] في دعوى الإيمان.
{ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [الحجرات: 18]؛ أ]: ما غاب عن سماوات القلوب وما حضرها، { وَٱلأَرْضِ } [الحجرات: 18] ما غاب عن أرض النفوس وما حضرها، { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحجرات: 18] في الظاهر أنه من نتائج ما أودعته في باطنهم، فمن لاحظ شيئاً من أعماله وأحواله، فإن رآها من نفسه كان شركاً، وإن رآها لنفسه كان مكراً، وإن رآها من ربه لربه كان توحيداً، وفقنا الله لذلك بمنه وكرمه وجوده.