التفاسير

< >
عرض

تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
٨
وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ
٩
وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ
١٠
رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ
١١
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ
١٢
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ
١٣
وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
١٤
أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ
١٥

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ } [ق: 8]؛ أي: مبصراً ومذكراً { لِكُلِّ عَبْدٍ } [ق: 8] لا يعبد إلا ربه، { مُّنِيبٍ } [ق: 8] لا يرجع إلا إليه.
{ وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ } [ق: 9] سماء الأرواح، { مَآءً مُّبَٰرَكاً } [ق: 9] ماء الفيض الإلهي؛ { فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّٰتٍ } [ق: 9] القلوب، { وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } [ق: 9]؛ وهو: حب المحبة يحصد محبة ما سوى إليه من القلوب.
{ وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ } [ق: 10] وهي شجرة التوحيد، { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } [ق: 10] من أنواع المعارف؛ { رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ } [ق: 11] الذين يبيتون عند ربهم يطعمهم ويسقيهم، { وَأَحْيَيْنَا بِهِ } [ق: 11]؛ أي: بماء الفيض { بَلْدَةً } [ق: 11]؛ أي: بلدة القلب { مَّيْتاً } [ق: 11] من نور الله، كما قال تعالى: { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً... } [الأنعام: 122] الآية، { كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ } [ق: 11] من ظلمات الوجود إلى نور واجب الوجود؛ فافهم جدّاً.
ثم أخبر عن المكذبين للأنبياء والمرسلين بقوله تعالى: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ } [ق: 12]، { وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } [ق: 13]، { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } [ق: 14]، يشير إلى أن عموم أهل كل زمان الغالب عليهم الهوى والطبيعة الحيوانية أهل الحس، نفوسهم المتمردة بعيدة عن الحق قريبة إلى الباطل، كلما جاء إليهم رسول كذبوه وعلى ما جاء به قاتلوه؛ فحق عليهم عذاب ربهم لما كفروا بأنعم الله، فما أعياه إهلاكهم.
ثم قال: { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ } [ق: 15]، أو اعتياض علينا فعل كل شيء حتى نعي بالبعث أو يشق علينا البعث؛ أي: ليس كذلك، { بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ق: 15]، ومن كمال قدرتنا على قانون حكمتنا ووفق إرادتنا.