التفاسير

< >
عرض

فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٦
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٨
-القمر

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [القمر: 10]؛ يعني اللطيفة النفسية دعت ربه: إني مغلوب من غلبة القوى المكذبة والمنكرة، فانصرني بالوارد القهري، { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ } [القمر: 11] الصدر { بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } [القمر: 11] بماء الوارد القهري منصباً على أرض البشرية، { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ } [القمر: 12]؛ يعني: غلب ماء سماء الصدر على ماء عنصرية أرض البشرية { قَدْ قُدِرَ } [القمر: 12] على حد قدرناه وأمرناه { وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } [القمر: 13]؛ يعني: حملنا اللطيفة النوحية على سفينة شريعتها، التي هي ذات ألواح سرية ودسر خفية؛ والدسر المسامير، { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } [القمر: 14]؛ أي: بحفظنا ومراء منا على وجه الماء، وأغرقنا القوى المكذبة المنكرة لآياتنا في ماء الوارد الظاهر { جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } [القمر: 14]، وهو الاستعداد المخصوص بالنفس كفر باللطيفة النفسية، النفس قدر جوهرها،؛ وهي نعمة من الله تعالى كفر بها وبآياتنا وكذب اللطيفة المرسلة.
{ وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً } [القمر: 15]؛ يعني: هذه الحالة تركناها في النفوس علامة بعينه للسالكين طريقتنا، { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [القمر: 15]؛ أي: متعظ متذكر في نفسه بأن هذه الحالة كيف وقعت لي؟ وما معنى هذه الواقعة، وكنت في بداية وصولي إلى هذه الواقعة؟
حكيت لأحد من خلاني: إني رأيت اليوم واقعة مثل واقعة نوح عليه السلام، ورأيت أيضاً قيام القيامة، فضحك وقال: القيامة الموعودة المستقبلة، والواقعة النوحية الماضية كيف يجتمعان في حالة واحدة؟ فلما تفرست منه قلة علمه بالطريق وإنكاره للآية سكت، وقلت في نفسي: كما يقول: أين المدكر { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [القمر: 16]؛ يعني: أين من يتذكر كيفية العذاب الواقع؟ ويتفكر في إنزال النذر والمواعظ ويتعظ به.
{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } [القمر: 17]؛ يعني: سهلنا لمن لم يكن أهلاً لورود عليه قراءة القرآن على اللطيفة المرسلة المبلغة؛ ليذكروا الآيات التي بيَّنا فيه ويتعظوا بها وينتفعوا بها، { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [القمر: 17]؛ أي: من متعظ بآيات القرآن الذي سيرنا عليها قراءته، { كَذَّبَتْ عَادٌ } [القمر: 18]؛ يعني: قوى العادة الفانية القالبية كذبت اللطيفة المستخلصة من كدورات الهوى المرسلة، { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [القمر: 18] انظر كيف وصل إليهم عذابي وإنذاري.