التفاسير

< >
عرض

بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ
٤٦
إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ
٤٧
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ
٤٨
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ
٤٩
وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ
٥٠
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
٥١
-القمر

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } [القمر: 46]؛ يعني: إذا دخلت قيمة القلب يكون أعظم هيبة وأشد مرارة للقوى المدبرة من عذاب أرسلنا عليهم بالوارد الذكري القهري، { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } [القمر: 47] عند حلول الساعة تسعر على المجرمين نيرانهم المشتعلة في جهنم قالبهم من نيران الحسد والحقد، والبغض والغضب، والكبر والشهوة، { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } [القمر: 48]؛ لاستنكافهم عن وضع الوجه لله على أرض التواضع، واستكبارهم على الحق بالقوة الباطلة، يقول لهم: { ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } [القمر: 48]؛ يعني: ذوقوا مساس سقر قالبكم بأخذكم المعارف من الوارد، واشترائكم متاع الحياة الدنيا بها في دار الكسب، هذه { سَقَرَ } [القمر: 48] جزاءكم اليوم في دار الجزاء.
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القمر: 49]؛ يعني: لكل شيء قدر معين وأجل معلوم مكتوب في اللوح المحفوظ، كما كان في أم الكتاب لا يتأخر ولا يتقدم مما قدر.
{ وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } [القمر: 50]؛ يعني: لشيء إذا أردنا وقوعه حين انقضاء أجله المعلوم، ودخول وقته المقدر أن
{ يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [البقرة: 117] في الحال من غير تأخير، ويشبه سرعة نفاذ الآجر بالكلمة الواحدة بلمح البصر، وهو أقرب عند أهل البصيرة؛ لأنهم يسمعون الكلمة في كل ساعة، ويشاهدون الساعة في كل نفس، ويتنعمون بمعارف الآيات في كل حال، وكشف سر هذا الحال من حد القرآن مما يجب إخفاءه ويحرم إفشاءه، { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ } [القمر: 51] أيتها القوى الكاذبة المكذبة المستكبرة، { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [القمر: 51]؛ أي: هل أحد يتذكر من قراءة القرآن واستماع الآيات ويتعظ بهذه المواعظ، ويعرض عن قواه الكافرة المكذبة ويقبل على قواه المؤمنة المصدقة، ويؤمن بلطائف القالبية الحسية، والقلبية والسرية والروحية والخفية.