التفاسير

< >
عرض

وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ
٤٦
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٧
ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ
٤٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٩
فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ
٥٠
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥١
فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ
٥٢
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٣
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ
٥٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٥٥
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ
٥٦
-الرحمن

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

وهذه المواعظ جاءت لتتعظ بها القوتان من آلاء الرب ونعمائه؛ ولأجل هذا يقول: { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } [الرحمن: 46] جنة عن يمين لقوة روحانيتهم فيها المعارف، وجنة عن شمال لقوى جسمانيتهم فيها فما اشتهت أنفسهم، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 47]؛ يعني: أيتها القوتان الخائفتان من مقامكما عند ربكما يوم الحساب، المشتغلتان بكسب الأعمال الصالحة المدخر لكم جزاءها في يوم المآب، أبنعمة جنة اليمين، أم بنعمة جنة الشمال تكذبان؟ { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } [الرحمن: 48]؛ يعني: جنتكما ذواتا أغصان من المعارف الجلالية والجمالية، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 49]؛ يعني: أيتها القوتان، أبنعمة المعارف الجلالية، أم بنعمة المعارف الجمالية تكذبان؟ { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } [الرحمن: 50]؛ يعني: في جنتكما تجريان عين المكاشفة وعين المشاهدة، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 51] أيتها القوتان؟ { فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } [الرحمن: 52]؛ يعني: من كل فاكهة معرفة صورتان خالدتان من صورة الأعمال الروحانية والجسمانية، التي عملها في دار الكسب صاحبها { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 53]؛ يعني: أيتها القوتان، بنعمة أي صورة من الصورتين الخالدتين تكذبان؟
{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 54-55]؛ يعني الصورة الخالدة متكئين على بساط البسط المفروش؛ الذي بطائن الفرش من إستبرق اللطف، وظواهرها من نور الفضل مما ليس له نظير في الدنيا، كما قال في وصفه النبي صلى الله عليه وسلم:
"جزاء عن الملك العلام، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" ، { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ } [الرحمن: 54]؛ يعني: اجتناء ما يجتني صاحب الجنتين يكون عليه سهلاً قريباً على أية حالة شاء يجتني ثمارها من غير تحول عن مقام إلى مقام آخر، ومن غير حركة بالقيام والقعود، { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } [الرحمن: 56]؛ يعني: في هذه الجنان صور حسنة خالدة من صورة الأعمال الصالحة، يقصر طرفهن على صاحبها ولا يقدر أن ينظرن إلى غير صاحبها، وكل ما ينظر إلى صاحبها يريد في عينها جمال صاحبها، لم يمسهن يد قوة علوية ولا سفلية قبل يد صاحبها وحسنهن من حسن الأعمال، وزيادة حسنهن في كل نظرة من حسن النية والصدق والإخلاص في العمل.