التفاسير

< >
عرض

لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
٦٥
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ
٦٦
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
٦٧
أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ
٦٨
ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ
٦٩
لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ
٧٠
أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ
٧١
أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ
٧٢
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ
٧٣
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٧٤
فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ
٧٥
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
٧٦
-الواقعة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً } [الواقعة: 65]؛ يعني: لو نشأ لجعلنا بذور أعمالكم حطمة ليعذوا بها { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } [الواقعة: 65]؛ أي: تتعجبون مما ينبت من بذوركم لا حب فيه، وهذا يكون من شؤم الغفلة عن الإخلاص في النيَّة وقت العمل، فاحذروا أيها السالكون من الأذكار المصحوبة بالغفلة والأعمال الغير الخالصة؛ لئلا تكون أعمالكم وأذكاركم حطمتكم في دار الجزاء - نعوذ بالله من تلك الحالة - بل نحن محرومون من كسبنا وزرعنا.
{ أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ * ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } [الواقعة: 68-69]؛ يعني: أفرأيتم ماء الوارد العرفاني الذي تشربون؟ أيتها القوى الذاكرة { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ } [الواقعة: 69] الخفي { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } [الواقعة: 69-70]؛ يعني: جعلنا ماء الوارد نكرانياً، { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } [الواقعة: 70] نعمتنا وتؤمنون بقدرتنا بأنَّا قادرون على بعثكم في النشأة الأخرى، كما كنا قادرين على خلقكم في النشأة الأولى.
{ أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } [الواقعة: 71] في نداء الذكر وحجر القلب من نار العشق، { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ } [الواقعة: 72]؛ يعني: شجرة نار العشق، { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا } [الواقعة: 72-73]؛ يعني: شجرة نار العشق، { تَذْكِرَةً } [الواقعة: 73] لنار الحق، { وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } [الواقعة: 73]؛ يعني: استعداداً للمسافرين الذين دخلوا دار القربة؛ ليتاجروا برأس مالهم ويربحوا أضعاف ما في أيديهم، لكن يأخذ صاحب المال منهم ماله، فيبقى لهم ما اكتسبوا برأس مالهم وتنعموا بمكاسبهم إذا رجعوا إلى مواطنهم الأصلية، فمن خسر برأس ماله فقط أورى من زند ذكره الدنيوي نار الشهوة؛ التي هي تذكرة للنار الكبرى، التي هي الموقدة في صدور أهل الهوى، وإذا رجع إلى وطنه يأخذ صاحب المال رأس ماله ويبقى معه مكتسباته، وتكون مكتسباته حطمة تتصرف فيها النار الموقدة المطَّلعة على الأفئدة، ويحرق الحطمة ويشتعل النار الكبرى من إحراق الحطمة، وتعذب صاحبها في دار الجزاء أبد الآباد بالنار الموقدة، وحطمته المجتمعة في دار الكسب نعوذ بالله منه.
{ فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } [الواقعة: 74]؛ يعني: نزه مجاري ذكر الحق الباطل باسم ربك العظيم؛ وهو الله الحق، ثم سبح ذاته عن الشريك والنظير المعين، وتيقن أنه الفاعل المختار يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ونحن المستعملون المضطرون المخزون الفقراء، { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } [الواقعة: 75]؛ يعني: أقسم باللطائف الحقوقية المطهرة عن الأباطيل، هي مواقع نجوم الواردات القدسية الخفية من السماء، الجبروتية اللاهوتية، { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } [الواقع: 76]؛ لأنه يعظم اللطائف التي هي مظاهر ذاته وصفاته بالقسم، وفي العظيم سر عظيم يتعلق بمطلع القرآن.