التفاسير

< >
عرض

أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٥
ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
١٦
لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١٧
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ
١٨
ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ
١٩
-المجادلة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } [المجادلة: 15] لشتمهم اللطيفة الخفية بأنها جاءت، وشوشت معارفنا، وسدت علينا باب مشاهدة هذه الأنوار الملوثة { إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [المجادلة: 15] يعني: الشتم أولاً ثم أطلع الله اللطيفة الخفية على ضمائرهم وأخبرتهم حلفهم بالكذب وتورية الحال على اللطيفة، وجهلهم بالوارد المخبر للطيفة الخفية { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } [المجادلة: 16] يعني: إيمانهم الكاذب شراً لأنفسهم لئلا ينقطع اللطيفة الخفية حقوقهم من الذكر السري { فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [المجادلة: 16] بالإعراض عن أمر اللطيفة الخفية والإقبال على الهوى { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [المجادلة: 16] وقت كشف الغطاء أجلاً وهوائهم على قلوب المشايخ عاجلاً نعوذ بالله { لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [المجادلة: 17] يعني: لن تغني عنهم يوم كشف الغطاء عن قهر الله استعداداتهم العارية ولا نتائج أفكارهم الردية { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [المجادلة: 17] لأنهم ما كسبوا في دار الكسب بالاستعدادات العارية الآثار الحسد والحقد والبغض والغضب والكبر واللطيفة الباقية المكدرة القالبية.
{ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } [المجادلة: 18] بعد كشف الغطاء لرسوخ نقش يمين الكذب { فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ } [المجادلة: 18] يعني: يحلفون لله وقت كشف الغطاء، كما يحلفون للمؤمنين بظنهم أنهم نجوا كما كانوا نجوا منكم في الدنيا، وتعطى لهم الحقوق كما يعطيهم اللطيفة الخفية قبل كشف الغطاء { أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } [المجادلة: 18] رسخ الكذب والاعوجاج في صور لطيفتهم الباقية الخالدة المكدرة المظلمة المعوجة { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ } [المجادلة: 19] يعني: غلب واستولى لاتباع محاربه في وجود لطيفتهم المدركة الباقية { فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ } [المجادلة: 19] لغلبة ذكر الدنيا عليهم وكثر محبة متاعها في عروقهم مثل: سريان الماء في عروق الأشجار { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ } [المجادلة: 19] اعتبروا أيها السالكون بهذه الآية، ولا تفضلوا عن ذكر الله، ولو لم يقدروا على السلوك كما هو حقه، لئلا تكونوا من حزب الشيطان؛ لأن حزب الشيطان هم الغافلون عن ذكر الرحمن ولهم الخسران، وأي خسران خسارة رأس مالهم بلا ربح وخسارة كسب العذاب الملكي الباقي برأس مالهم العاري الفاني.