التفاسير

< >
عرض

إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ
٢٠
كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
٢١
لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٢٢
-المجادلة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [المجادلة: 20] يعني: يخالفون أمر الحق واللطيفة الخفية في هذه الأحكام التي ذكرناها { أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ } [المجادلة: 20] ذل الدنيا بمذلتهم عند العارفين، وذل العقبى بإدراكهم مذلتهم، وعدم الاستعداد للتدارك لها { كَتَبَ ٱللَّهُ } [المجادلة: 21] أي: أوجب الله بكتابته بالقلم الخفي على لوح العقل { لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ } [المجادلة: 21] على أمري وعلى تعذيب من يخالف اللطيفة الخفية { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [المجادلة: 21] يعني: قوي على حجته غالب على أمره؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة.
{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } [المجادلة: 22] يعني: القوة المؤمنة بالله وباللطيفة الخفية، وبيوم يكشف فيه الغطاء ينبغي ألا يلتفتوا إلى القوى العلوية التي هي بمنزلة آبائهم ولا إلى المعارف التي كانت بنتائج أفكارهم وعقولهم التي هي بمنزلة أبنائهم ولا إلى القوى القلبية المكدرة بالهوى التي هي بمنزلة إخوانهم، ولا إلى القوى العنصرية التي هي بمنزلة عشائرهم التفات المودة والمحبة { أُوْلَـٰئِكَ } [المجادلة: 22] يعني: القوى المؤمنة التي لا يلتفتون إليهم يعني: المودة { كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ } [المجادلة: 22] أي: أثبت بحيث رسخ الإيمان في قلوبهم وبما يشاهد السالك في بداية تصفية القلب في الواقعة أن لوح قلبه مسود من نقوش مختلفة ثم تشاهده أنه قد محي، وظهر عن التقوى ثم تشاهده أنه منقوش من كلمة الله الله من الأول إلى الآخر، ثم تشاهده أنه مقل عن النقوش، وبقي فيه الله وحده، ثم تشاهده بأن هذا الاسم مكتوب بمداد النور الأحمر، ثم بالنور الأبيض، ثم بالنور الأخضر، ثم تشاهده لوحاً نورانياً لا لون له، ولا نقش عليه، وعند هذا يظهر عليه نقوش العلم اللدني { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } [المجادلة: 22] يعني: أيد كتابته بمداد الروح القدسي ليظهر فيه العلم الذاتي بحيث لا يبقى وجود اللوح والقلم والكتابة والمداد والنقش وهذا كشف العلم مقام لمجهول مما أشار إليه المشايخ في مقاماتهم { وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } [المجادلة: 22] يعني: بعد رجوعهم عن غلبة تلك الحال يدخلهم في المساكن الطيبة المعدنية المطهرة وجنات القوى النباتية المزكاة المرباة بماء الإيمان بحيث تجري من تحتهم أنهار المعارف التصيلية بحكم التصرف لهم على تلك المعارف خالداً مخلداً { رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } [المجادلة: 22] باشتغالهم بالذكر بعد إيمانهم باللطيفة الخفية { وَرَضُواْ عَنْهُ } [المجادلة: 22] بإنجاز الوعد، وهو وعد لقاء الحق { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ } [المجادلة: 22] يعني: القوة المؤمنة الذاكرة الراضية بقضاء الله وقدره أولئك حرب الله { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [المجادلة: 22] من الحجاب الرافع بينهم وبين ربهم، اللهم اجعلنا من حزبك الراضي بقضائك وقدرك المفلح بحبيبك بمحمد صلى الله عليه وسلم.