التفاسير

< >
عرض

لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
١٣
لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
١٤
كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٥
كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ
١٧
-الحشر

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ } [الحشر: 13] يعني: أيتها القوة المؤمنة هم يرهبون منكم أشد رهبة من الله لجهلهم بالله وقصور نظرهم عن الحق { ذَلِكَ } [الحشر: 13] بنظرهم إلى الباطن { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [الحشر: 13] أي: ليس لهم قلب يعرف صفات الله من بطشه وقهره { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ } [الحشر: 14] القوى السرية الجاحدة { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } [الحشر: 14] يعني: لا يبرزون ليحاربوكم مواجهة؛ بل يدخلون في حصون إيمانهم الحاصلة باللطيفة السرية ولا تمنعهم من جنود اللطيفة الخفية؛ لأن هذه الجنود تجيء من أعلاها والحصن تمنع من يكون أسفلها مثل جند الشيطان والهوى { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } [الحشر: 14] يعني: وراء الخواطر السرية { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } [الحشر: 14] يعني: ما داموا في حصونهم يكون بأسهم شديداً، ولكن ليس الحصول بما نعتهم عن جنود الخواطر الخفية { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } [الحشر: 14] في حصن واحد في الصورة { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } [الحشر: 14] لأنهم متفرقون في طلب شهواتهم لا يتحصنوا بهذا الحصن من تحقيق ولأجل الله، بل لعادتهم ولاستيفاء حظوظهم من القوى السرية الضعيفة الجاهلة الجاحدة { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } [الحشر: 14] حقيقة التحصن بإيمانهم مثلهم { كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الحشر: 15] بظنهم حصونهم مانعتهم عن ضرب الرحمن، ومثل المنافقين { كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ } [الحشر: 16] يعني: إذا قالت القوة المستكبرة الشيطانية للقوة المستجلة الإنسانية بعد طول مجاهدتها في طريق الكشف، واطلاعها على بعض أسرار المكاشفات اكفري بنعمة الله التي أنعم في حقك، وهو بأن تباشر مع القوة النفسية على وفق الهوى بالشهوة الحظيّة بقول القوة الشيطانية، ويطلعها على أسرار مكاشفاتها، ثم يقتلها بالمجاهدات لحظها الهوى، فلما فعلت هذه الفعلة القبيحة لشؤم عجبها قالت لها القوة الشيطانية { إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } [الحشر: 16-17] لأن القوة المستكبرة أبت من أخذ الحق والقوة المعجبة أعجبت بنفسها ونسيت توفيق ربها، وغفلت عن ذكره الحق، وكفرت بنعمة المكاشفة، وقبلت كلام العدو.