التفاسير

< >
عرض

مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٧
لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ
٨
وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٩
-الحشر

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } [الحشر: 7] يعني: ما أعطى الله من الفيء في هذا الجهاد من أهل القرى وغنائم معارفهم السرية للطيفة الخفية { فَلِلَّهِ } [الحشر: 7] يعني: أسرار منها خاصة لله لا نصيب لأحد فيها { وَلِلرَّسُولِ } [الحشر: 7] أي: للطيفة الخفية من غنائم معارف الصفات الذاتية { وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } [الحشر: 7] يعني: للقوى اللطيفة الخفية مما كانت مستكنة في الوجود وقت التخمير من غنائم معارف الصفات الفعلية { وَٱلْيَتَامَىٰ } [الحشر: 7] يعني: للقوى القلبية من معارف الآثار وهي الآيات البينات الأنفسية { وَٱلْمَسَاكِينِ } [الحشر: 7] يعني: لخواطر السكينة من لطائف الذكر السري { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } [الحشر: 7] يعني: للخواطر الواردة من الروح الخفي من شراب المحبة، وطعام الذكر، وثمرات المعارف القالبية والنفسية والعنصرية والمعدنية والنباتية { كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ } [الحشر: 7] يعني: لا يكون عليه لأغنيائكم العارفين على الفقراء والضعفاء والسالكين المبتدئين { وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ } [الحشر: 7] من المعارف والاستعدادات الحاصلة في الجهاد { وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [الحشر: 7] يعني: اتهوا من الغلول والسرقة ولا تسرقوا الأسرار بغير إذ المسلك { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } [الحشر: 7] فحظ السالك من هذه الآيات ألا يشتغل بالمعارف الحاصلة له في الجهاد إلا بإذن مسلكه ولو أمره المسلك بنفي تلك المعارف يجب عليها تركها، وهذه مجاهدة من أشد المجاهدات جربناها كثيراً، ولو لم ينفها السالك وأخفى في نفسه معناها سرقة ينسد عليه الباب ويعاقبه بأشد العقاب وهو أن يسقط من عين الشيخ نعوذ بالله منه؛ لأن اللحم إذا فسد صلح بالملح، فكيف فسد.
{ لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ } [الحشر: 8] يعني: للحقوق التي كانت مستكنة في القوى القالبية والنفسية وقت التخمير، فإن انبعثت اللطيفة الخفية وهاجرت أوطان أبدانها، وخرجت من ديار هواها وأموال استعداداتها القالبية والنفسية والشهوية اتبعت بها فضل الله ورضوانه، ونصرة الله واللطيفة الخفية، وهي الصادقة كما يقول الله تعالى: { الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } [الحشر: 8] { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ } [الحشر: 9] يعني: القوة الناصرة السرية المؤمنة للطيفة الخفية في مدينة السر توطنت القوة المهاجرة الحقوقية، وآمنت باللطيفة الخفية قبل دخولها في مدينة السر بنور الحق { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } [الحشر: 9] من القوى الحقوقية المستكنة في القالب وقت التخمير { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } [الحشر: 9] يعني: القوى الناصرة السرية يحبون المهاجرين ويوطنونهم في مدينتهم من غير حرارة وتبطؤ ولا طلب مكافأة ولا مجازاة { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [الحشر: 9] يعني: يختارون الحقوق المهاجرة على أنفسهم بطعام الذكر السري وشرابه وثمرات المعارف الآثارية والفعلية، ولو كانوا محتاجين إليها مفترقين إلى طعام الذكر السري وشرابه { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [الحشر: 9] يعني: يتصدق ويؤثر على إخوانه وأصحابه من القوى الحقوقية، وهو محتاج إليها ويمنع له شيخ نفسه أن يتصدق، وهو على خلاف هوى نفسه يتصدق، فهو المفلح لتزكيته عن رذيلة صفة البخل والشح.