التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
١٠
تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
١١
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
-الصف

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الصف: 10] يعني: أيتها القوى المؤمنة باللطائف هل أدلكم على كسب إن اشتغلتم به ينجيكم من عذاب الآخرة، وهو أسهل مما تواظبون عليه من الأوزار والأغلال؛ لأني بعثت بالملة الحنيفية السمحة السهلة، وهو أن { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } [الصف: 11] يعني: وحدانيته { وَرَسُولِهِ }، يعني: اللطيفة الخفية المرسلة التي هي خاتم الأنبياء وسيد المرسلين { وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ } [الصف: 11] يعني: باستعدادكم الحاصل من سلوككم بأمر اللطائف المرسلة من قبيل ترك اختيار أنفسكم وعادتكم { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } [الصف: 11] من كثرة مجاهدتكم وتعبكم ورياضتكم الشاقة على أنفسكم { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [الصف: 11] أن حقيقة العبادة ترك الهوى، والائتمار بما يأمر به المولى، والانتهاء عما ينهى عنه لا تعذيب النفس، وقلة الأكل والنوم على وفق الهوى؛ ولأجل هذا السر قال المشايخ: لو يأكل المريد بأمر شيخه كل يوم دجاجة مسمنة، وحلوى من سكر خير له من أن يأكل في كل أسبوع قرصاً من شعير على وفق أمر نفسه وهواه، وإن شاهدنا وجربنا في أنفسنا، وفيمن سلكناه أن الإفطار على وفق أمر الشيخ خير له من الصوم باختيار نفسه، وإن ترك العبادات النافلة من الصلاة والحج والصدقة والتلاوة بأمر شيخه؛ أنفع له من الإتيان بها على وفق اختيار نفسه، وفي هذا السر لطيفة إفشاؤها حرام على المسلك من قبل أن يطلع الله السالك عليها، فإذا أطلع الله السالك عليها، ويحكيها السالك للمسلك، فيجوز للمسلك أن يخبره عن هذه اللطيفة، فمن يؤمن بالله أيتها القوى المؤمنة باللطائف المرسلة من قبل باللطيفة الخفية منكم { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [الصف: 12] بإثبات الولد والصاحبة لله، وبإثبات الشركاء له { وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [الصف: 12] يعني: جنات القلب تجري من تحتها أنهار المعرفة تكون تحت تصرفكم متى شئتم شربتم منها { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } [الصف: 12]، وهي مساكن قوى معدنية السالك إذا صارت طيبة يكون بعد خراب البدن لصاحبه مساكن طيبة في جنات عدن، وهو القوى النباتية المزكية عن الخبائث المطهرة عن الأباطيل، وإذا خرج صاحب هذه القوى من دار الكسب؛ يكون له في دار الجزاء مساكن طيبة بتطهير قوى معدنية، وجنات عدن بتزكية قوى نباتية { ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [الصف: 12].