التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٩
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٠
مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١١
-التغابن

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } [التغابن: 9]، يعني: يوم جمع المتفرقات من القوى العلوية والسفلية وآثارها { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } [التغابن: 9]، لاطلاع القوى الكافرة على اتباعه استعدادها في استعمالها في الباطل، واطلاع القوى المؤمنة على تضييع وقت من أوقاتها ونفس من أنفاسها في غير ذكر الله، و[ضيعته] في ذلك النفس الذي هو ظرف له ليضع فيه ما يدخر له في هذا اليوم؛ رأى ظرفه خالياً من النعم يتحسر على غبنه، وإن كان - نعوذ بالله - مملوءاً من الحيات والعقارب والقاذروات؛ فليدغنه ويلسعنه ويؤذينه تنيبهاً؛ فهو الخسران العظيم والعذاب الأليم، تفكر واحذر، واجعل في ظرفك ما تتنعم به أبد الآباد، ولا تجعل يه ما يتألم بمشاهدته يوم يكشف الغطاء خالداً مخلداً، { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ } [التغابن: 9]، يعني: من يؤمن من قوى النفس اللوامة والقوى القالبية المتطهرة بالله اليوم قبل كشف الغطاء، ويعمل صالحاً، ويضع في ظرفه الصالحات، يكفر عنه ما سلف من السيئات، ويخرج من ظروفه الفاسدة التي وضع فيها من قبل، { وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [التغابن: 9]، يعني: يدخله جنات قلبه التي تجرى من تحتها الأنهار [بالمعارف]، { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [التغابن: 9]، لأنه تعوّد أبد الآباد بعمل قليل في أيام قلائل فانيات.
{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ } [التغابن: 10]، من القوى القالبية والنفسية { بِآيَٰتِنَآ } [التغابن: 10]، الأنفسية مما شاهدتها { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ } [التغابن: 10]، التي استعلموها في أنفسها من نيران الغضب والبغض والكبر والحسد، { خَٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [التغابن: 10]، يعني: بئس مرجع القوى الكافرة المكذبة.
{ مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [التغابن: 11]، يعني: ما أصاب من خير وضر إلا بمشيئته وقضائه، في ملكه وملكوته، { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } [التغابن: 11]، يعني: من يؤمن بالله من القوى القالبية والنفسية، يهد قلبه بنور الوارد؛ بأن يجعل له يقيناً، ما أراد الله أن يصيبه من القبض والبسط لم يخطئه، وما لم يرد لم يكن ليصيبه، ولو كان الجن والإنس بعضهم لبعض ظهيراً لا يقدرون على إصابة مصيبة خيراً أو شراً إلى شخص من الآفاق والأنفس مما لم يرد الله إصابته إليه، { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [التغابن: 11]، يعني: باستحقاق كل استعداد للخير والشر؛ فيرسل إليه على قدر استحقاق الاستعداد.