التفاسير

< >
عرض

رَّسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً
١١
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً
١٢
-الطلاق

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ رَّسُولاً } [الطلاق: 11]، يعني: الوارد رسولاً يدل على الذكر يعني: أنزل الله إليكم رسولاً وهو اللطيفة المبلغة { يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ } [الطلاق: 11]، يعني: يتلو عليكم آيات أنفسكم مبينات بحيث تشاهدونها في أنفسكم.
{ لِّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [الطلاق: 11]، يعني: يخرج القوى المؤمنة التي اشتغلت بالأعمال الصالحة لها في دار البقاء من ظلمات القالب والطبيعة إلى نور العقل والنور { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً } [الطلاق: 11]، القوى القالبية { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [الطلاق: 11]، يعني: يدخله جنات القلب التي تجري من تحتها أنهار المعرفة { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً } [الطلاق: 11]، من عنده مثل مشاهدة جماله.
{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } [الطلاق: 12]، أطوار القلب { وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } [الطلاق: 12]، أي من القالب سبعة أعضاء { يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ } [الطلاق: 12]، يعني: الأمر السماوي وقت التدبير ينزل إلى الأرض ويحصل من القوى الأرضية استعداد العروج، ويعرج إلى الحضرة الربانية كما بينا في كثير من [مولاتِنا] حقيقة النزول وحكمة العروج { لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الطلاق: 12]، يعني: يقدر على أن يدع الأمر في ظلمات الأرض ليكسب [الاستعداد] ويدس أنواره السماوية في تراب الطبيعة وتهوي إلى أسفل الدركات، ويقدر أن يحدث الاستعدادات القالبية الظلمانية بقوة الأمر من أسفل سافلين الدركات الطبيعية الجسمانية إلى أعلى عليين الروحية الرحمانية { وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً } [الطلاق: 12]، يعني: ليعلموا أن علم الله محيط بالأرضيات والسماويات، يعلم استعداد [كل] لطيفة أرضية خلقية، ولطيفة سماوية أمرية، ويستعملها على قدر استعدادها، وهو غالب على أمره، حاكم في ملكه، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، اللهم لا تلكنا إلى أنفسنا ولا تجعلنا مقيدين بقيد الطبيعة، [مغلولين] في أسر الهوى، وثبتنا على متابعة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الجزاء.