التفاسير

< >
عرض

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ
٦
لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
٧
-الطلاق

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ } [الطلاق: 6]، يعني: القوة القابلة المطلقة أسكنها من حيث يسكن من وجود الوجد الغيبي والمعارف القلبية، ووسع معيشتها من المعارف والواردات { وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ } [الطلاق: 6]، أي: لا تؤذونهن بالمجاهدات الشاقة على البدن { لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ } [الطلاق: 6]، مساكنهن في بيوتكم بحيث يضطرون إلى الخروج إلى بيت القالب أو بيت الهوى؛ فإن ذلك التضييق كان ذنباً لكم { وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [الطلاق: 6]، من النصائح والمواعظ والمعارف حتى يضمن حمل الخواطر الهوائية { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } [الطلاق: 6]، يعني: إن أرضعن ولدكم وهو: عملكم البدني؛ بأن يرضع قوتك القالبية ليعمل بها { فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ }، على إرضاعهن أولاد أعمالكم الصالحة من المعارف الغيبية والخواطر القلبية والأصوات الحسية السمعية { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ }، أي: يقتصدوا في الأخذ والإعطاء ولا يقصدوا القرار من الجانبين { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } [الطلاق: 6]، في الأجرة والإرضاع؛ فليس للقوة الفاعلة إكراه القوة القابلة، ولكنه يستأجر للصبي مرضعاً غير أمه؛ فينبغي للسالك في هذا المقام أن يتوجه بالكلية إلى الله، ولا يشتغل بغيره، ويدخل خلوته ويسد عليه بابه، إن أراد الله حياته وقيامه يرسل إليه شرابه وطعامه [من] عالم الغيب، بحيث لا يكون له احتياج إلى طعام المخلوقين، ويرضع أطفال العمالة الصالحة من ثدي القلب في القلب، أحسن مما كان يرضعه من ثدي القلب في عالم الشهادة { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } [الطلاق: 6]، إشارة إلى هذا.
{ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ } [الطلاق: 7]، يعني: قدر غناه، والغنى غنى القلب، { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } [الطلاق: 7]، يعني: ضيق عليه رزقه من عالم المكاشفات والمشاهدات { فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ } [الطلاق: 7]، يعني: ينفق استعداده الحاصل من تلك المشاهدات السابقة { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا } [الطلاق: 7]، يعني: الله يعلم بما أعطى كل شخص من الاستعداد؛ فإن لم يعطه استعداد لا يكلفه على إنفاقه، ولا يعذبه على ترك الإنفاق إن لم يكن له استعداد وهبي ولا كسبي؛ فالواجب على المسلك أن لا يبخل على مريديه بما آتاه الله من المعارف ما يصلح لحوصلة كل واحد منهم، وإن ضيق الوقت عليه، ولا يرد الوارد الجديد؛ فعليه أن ينفق على المريدين من المعارف السمعية، والمعارف التي كشفت عليه من قبل دخول حال النكرة { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } [الطلاق: 7]، يعني: بعد عسر النكرة سر المعرفة للمسلك المنتهي، وبعد عسر القبض يسر البسط للسالك المتوسط، وبعد عسر المجاهدة يسر المشاهدة للمبتدئ.