التفاسير

< >
عرض

إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ
٢٠
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
٢١
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
٢٢
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
٢٣
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ
٢٤
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ
٢٥
وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ
٢٦
يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ
٢٧
مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ
٢٨
هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
٢٩
-الحاقة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ إِنِّي ظَنَنتُ } [الحاقة: 20]؛ أي: أيقنت { أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } [الحاقة: 20]؛ أي: حسابي في الآخرة، { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } [الحاقة: 21-22]؛ يعني: المؤمن الموقن بيوم الحساب والجزاء يكون في ذلك؛ أي: في حالة مرضية في جنة القلب.
{ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } [الحاقة: 23]؛ يعني: يسهل عليه اقتطاف ثمرات المعارف من شجرة وجودهم يقال في جنة القلب: { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } [الحاقة: 24]؛ يعني: أخلاقهم الحميدة الطيبة يقول لهم: كلوا من طعام الذكر، واشربوا من شراب المحبة، واقطفوا من ثمار المعرفة، هنيئاً لكم بما جاهدتم في الله، وصبرتم على ترك اللذات العاجلة والشهوات الفانية لذتها في الأيام الماضية الدنيوية الغير ثابتة، { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ } [الحاقة: 25] لاعوجاجه في طريق الحق والبغاية من قبله التوجه إلى جانب الهوى وإقباله على الدنيا، { فَيَقُولُ } [الحاقة: 25] صاحب الكتاب { يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ } [الحاقة: 25] سيتمنى إن لم يفقه كتابه المملوء من قبائح أعماله وفواسد أفكاره.
{ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } [الحاقة: 26]؛ يعني: يا ليتني كنت تراباً بحيث لا أقدر أن أقرأ كتابي، وفي هذا المقام يتمنى ألاَّ يكون له إدراك كما كان قبل دخوله في الطور الإنساني، ولا ينفع له التمني ولم يزدله إلا عذاباً، { يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } [الحاقة: 27]؛ يعني يتمنى أن يكون منه في القالب فلا يبعث من قبر القالب فيكون موتى ما كان علم بهذا اليوم، { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ } [الحاقة: 28]، ما ينفعني الاستعداد الذي حصل في مملكة وجودي، وهذا عذاب يختص بالمجاهدين السالكين الذين سلكوا الطريق من غير إرشاد المرشدين المتصل إرشاده بالنبي الهادي عليه السلام؛ يعني: سلك الطريق برأيه وعقله وفكره وحديثه لا من إلهام رباني ووارد رحماني، يتمنى صاحبه أنه كان ميتاً في قالبه قبل اشتغاله بالسلوك ورفعه بعض الحجب بكثرة مجاهدته، كما أن العوام [مبعدين] عن إدراك هذه الآلام مشتغلين بهوى أنفسهم لكثافة حجبهم الظلمانية القالبية والنفسية.
{ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } [الحاقة: 29]؛ يعني: ما بقيت لي حجة ونزع عني استعدادي الذين يمكن به أن أحاج، وشهدت علي جوارحي وقواي بأعمالي وأفكاري فلا برهان لي ولا سلطان لي ولا نصير ولا ظهير لي، يقول تعالى لخزنة جهنم التي رباها وقواها في دار الكسب: