التفاسير

< >
عرض

خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
٣٠
ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ
٣١
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ
٣٢
إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ
٣٣
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣٤
فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
٣٥
وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ
٣٧
فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
٣٨
وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ
٣٩
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
٤٠
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ
٤١
وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٤٢
-الحاقة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ }[الحاقة: 30] بالتجلي الذي أنقل صورته { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } [الحاقة: 30]؛ يعني: جحيم نفسه [وأغلاله] { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } [الحاقة: 31-32]؛ أي: خذوه بالقوة التي رباها في دنياه فغلوه بالبخل الذي أنقل صورته، { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } [الحاقة: 31]؛ يعني: جحيم نفسه التي اشتعل فيها نيران الحقد والحسد والكبر والبغض، ثم في سلسلة أمانيه وأماليه المسلسلة بعضها ببعض إلى الآن، { ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً } [الحاقة: 32]؛ وهي إشارة إلى أنها الحجبات الحاصلة من استعمال أغصانها السبعة في الحواس العشرة الظاهرة والباطنة على وفق هواه في جميع دنياه، والاشتغال بما اشتهاه، { فَاسْلُكُوهُ } [الحاقة: 32] فما دخوله أبد الآباد؛ لأنه كفر بالله الأزلي الأبدي، وأشرك بصفاته الأزلية الأبدية حين استعمل صفاته المعطية له لأجل أن يعرف بها الحق من الباطل الحاصل منه النكرة.
{ إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } [الحاقة: 33-34]؛ يعني: لا يصدق اللطيفة المبلغة بوجود البارئ ولا يطعم خاطر السكينة طعام ذكر الله الذي خلقه، ولا يأمر القوى النفسية أن يطعمون الخواطر النازلة إليهم من السكينة، { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } [الحاقة: 35]؛ أي: قريب شفيع له وصديق ينفعه.
{ وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } [الحاقة: 36]؛ يعني: ليس له طعام في هذا المقام إلا غسالة فرحته التي [هي] فرحت وجوده بالأخلاق الردية والأوصاف الرذيلة في دار الكسب، { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } [الحاقة: 37]؛ لأنهم أخطئوا رميهم بسهام استعدادهم ففرحوا بتلك السهام التي أعطيناهم؛ ليروا بها العدو وجودهم المدرك الذي حصل من امتزاج المفردات العلوية والسفلية الباقي بعد خراب البدن المجعول أبد الآباد، { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } [الحاقة: 38-39]؛ أي: أقسم بما تبصرون من قدرتي ونفاذ مشيئتي وإظهار لطفي وقهري، { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } الحاقة: 39] من حكمتي في إيلام بعض المظاهر وإنعام بعضها.
{ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } [الحاقة: 40]؛ يعني: إن هذا الوارد الذي يتلو عليكم اللطيفة الخفية وتقول لكم معناه ما تقول من عندها، { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ } [الحاقة: 41]؛ يعني: ما تلقفته بفكرها وما نظمته بحسن طبعها، { قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } [الحاقة: 41]؛ يعني: لا تؤمن القوى القالبية المكذبة المكدرة باللطيفة المبلغة أصلاً، { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ } [الحاقة: 42]؛ يعني: لا بقول من إلقاء الشيطان، { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [الحاقة: 42]؛ يعني: القوى النفسية المعاندة لا تذكر أصلاً أن اللطيفة كانت معنا من قبل ورود الوارد، وما قالت معنا شيئاً من هذا وما أمرتنا لاتباع لها وقت الطفولية إلى وقت البلوغ، فالذي تقول في هذا الوقت كون من عند غيرها لا من عندها ينبغي أن يقول في أول حال صاحبناها.