التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
{وَإِن تَدْعُوهُمْ} [الأعراف: 193] يعني: الروح والنفس والقلب، {إِلَى ٱلْهُدَىٰ} [الأعراف: 193]؛ أي: طلب الحق، {لاَ يَتَّبِعُوكُمْ} [الأعراف: 193] بحولهم وقوتهم، {سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَٰمِتُونَ} [الأعراف: 193] فإنهم لا يهتدون بدعائكم إلا بدعاء الله؛ لقوله تعالى: { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } [يونس: 25].
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ} [الأعراف: 194]؛ أي: تعبدوا من الدنيا وما فيها، {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194] محتاجون كما تحتاجون، {فَٱدْعُوهُمْ} [الأعراف: 194] في حاجاتكم، {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} [الأعراف: 194] بقضاء حاجاتكم ونجاتكم من النار، {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأعراف: 194] أن للدنيا وما فيها منفعة أو مضرة بنفسها بل الله الضار النافع، {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ} [الأعراف: 195] إلى أحد باختيارهم فيعينوه، {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ} [الأعراف: 195] من أحد شيئاً فيغفروه، {أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ} [الأعراف: 195] حال أحد أو فساد حاله، {أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: 195] استدعاء أحد أو التماساته، {قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ} [الأعراف: 195] يا روح ويا قلب، وبالنفس من الدنيا وما فيها، {ثُمَّ كِيدُونِ} [الأعراف: 195]، أي: أجمعوا إلى كيدكم، {فَلاَ تُنظِرُونِ} [الأعراف: 195] ولا تمهلون، فإنكم لا تملكون نفعاً ولا ضراً.
ثم أخبر عن الولاية في الخير والشر أنها لله تعالى بقوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ} [الأعراف: 196] إلى قوله: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200] الإشارة فيها: أن عقب قوله: {إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ} يشير إن حافظي وناصري هو: الله الذي نزل الكتاب قوله تعالى: { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [المائدة: 67]، {وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ} [الأعراف: 196] فإن بتوليه إياهم وإعانته لهم يعملون الصالحات، ولو وكلهم إلى أنفسهم كانوا يعملون السيئات، { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } [يوسف: 53].
{وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ} [الأعراف: 197]؛ أي: تعبدون من دون الله من الدنيا والهوى والشيطان والخلق، {لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} [الأعراف: 197] إلا بالله؛ لأنه { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } [آل عمران: 126]، كقوله تعالى: { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } [آل عمران: 160].