التفاسير

< >
عرض

سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ
١
لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ
٢
مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ
٣
تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
٤
فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً
٥
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً
٦
وَنَرَاهُ قَرِيباً
٧
يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ
٨
وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ
٩
وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً
١٠
-المعارج

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

أيها السائل عن العذاب الواقع الذي ليس له دافع غير الذكر الواقع قدر صاحبه في العروج النافع له في الرجوع القاطع برهانه الساطع نوره اللامع أما تقرأ سورة المعارج؛ لتفهم من ظاهر تفسيرها كيفية عروجك إلى بارئك، ومن باطن تفسيرها حقيقة رجوعك إلى ربك، وهو قال لحبيبه صلى الله عليه وسلم: { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } [المعارج: 1-3]؛ يعني: حضرة الله معارج جميع اللطائف لطيفة.
{ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [المعارج: 4]، ولطيفة تعرج إأليه في يوم كان مقداره سبعمائة ألف سنة، ولطيفة تعرج إليه في يوم كان مقداره ثلاثمائة ألف سنة وستين ألف سنة، ولطيفة تعرج إليه في يوم كان مقداره سبعين ألف سنة، ولطيفة تعرج إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ولطيفة تعرج إليه في يوم كان مقداره ستة آلاف سنة، ولطيفة تعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة، ولطيفة تعرج إليه في يوم كان مقداره أقل من لمحة، وهذه اللطيفة الأنانية الكاملة المستحقة للمرآتية وإفشاء سر معارجها ومدتها المقدرة من حد القرآن مما لا يحل إفشاؤها.
{ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } [المعارج: 4]؛ يعني: القوى الروحانية والروح الأسنية إليه، إلى حضرة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛ لأنهم ما كسبوا من أرض البشرية استعداداً وقوة فأما المدبرات الأمرية التي أنزلها الله من السماوات إلى الأرض، ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة؛ ولأجل هذا السر قال الشيخ الصمداني أبو الحسن الخرقاني قدس سره: إني صعدت ظهيرة للطوف بالعرش فرأيت جماعة يطوفون بالعرش طوافاً لا يعجبني لبرودتهم وسكونتهم؛ فطفت بالعرش ألف طوفة وما أتموا طوفةً واحدةً فسألتهم من أنتم؟ وما هذه البرودة في طوافكم؟ قالوا: نحن الملائكة، وهذا طبعنا لا يمكن أن نتجاوز عما جبلنا الله عليه، فسألوني من أنت؟ وما هذه السرعة؟ قلت: أنا ابن آدم وهذه السرعة نتيجة طبع النار التي ركدت فينا.
{ فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } [المعارج: 5]، أيتها اللطيفة الخفية على استهزاء السائلين عن العذاب الواقع للمكذبين لك { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } [المعارج: 6]؛ يعني: يرون العذاب بعيداً لحجابهم وغطائهم { وَنَرَاهُ قَرِيباً } [المعارج: 7]؛ لأن العذاب محيط بهم، بل صار وجودهم عين العذاب بما كسبوا من النار والحطب في دار الكسب؛ فاصبر حتى تشتعل نارهم ويحترق بنارهم حطبهم ويكشف غطاؤهم؛ ليصيروا بالعذاب ويتضرعوا، ويقولون:
{ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً } [السجدة: 12]، فيقول لهم: { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [السجدة: 20]، ولو أراد والتكرار لقوله لهم: { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108].
{ يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } [المعارج: 8]؛ يعني: سماء الصدر كغلي الزيت إذا أذيبت من شدة اشتعال نيرانهم، { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } [المعارج: 9]؛ يعني: جبال القوة المعدنية القالبية: كالصوف المنقوش عند هبوب ريح هوائهم، { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [المعارج: 10] من شدة العذاب، ولا يقدرون من شدة عذاب أنفسهم أن يسألوا عن أحوالهم.