التفاسير

< >
عرض

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً
١
يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً
٢
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً
٤
وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
٥
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً
٦
وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً
٧
-الجن

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

أيتها اللطيفة الخفية التالية كلام الحق؛ إذا استمعت منك القوى النفسية القوى المؤمنة الجنية فمدي في تلاوتك، وأحسني في قراءتك وخبري تخبيراً؛ فافهم إذا رجعوا إلى قومهم يقولون: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ } [الجن: 1-2] فيمكن أن يؤمن بهم كثير من القوى النفسية. ويدعو أمر اللطيفة الخفية لما تسمع ما يقول تعالى في كتابه الكريم: { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً * وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } [الجن: 1-3]؛ يعني: إذا استمعوا الوارد يؤمنون بالله وحده، ويتقون عن الشرك وعن شبهة ثالث الثلاثة كما بينا في سورة التوحيد، ويقولون تعالت قدرة ربنا عن أن يحتاج إلى اتخاذ صاحبة؛ لإيجاد الخلق { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } [الجن: 4]؛ يعني: اللطيفة النفسية الجاهلة الغير المتخلصة عن الظلمات الحظوظية الباطلة ما على الله عدواناً وكذباً.
{ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } [الجن: 5]؛ لأجل ذلك كنا ملنا إلى اللطيفة الجاهلية، { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ } [الجن: 6]؛ أي: من القوى القلبية المشتغلة بالتزكية { يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ } [الجن: 6]؛ أي: بقوى النفس الأمارة { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } [الجن: 6]؛ أي: زاد للقوى الأمارة باستعاذة قوى القالب إليها طغياناً وكفراً؛ فينبغي للسالك أن يحترز في أثناء سلوكه بالإصغاء إلى المعاني الغيبية التي من إلقاء القوى الأمارة، ولا يستمد من تلك القوى البتة حتى ينتمي سلوكه، ويصل حضرة الله تعالى ويصير متصرفاً في جميع القوى بأمر الحق؛ ليستعملها فيما يشاء كما يشاء على وفق الإشارة.
{ وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ } [الجن: 7] أيها القوى الكافرة الجنية الخبيثة، ظنوا بالله ظنوناً ما ظنت أيتها القوى الكافرة الأسنية، وهي القوى القالبية الملوثة بأقذار الطبيعة { أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً } [الجن: 7]؛ يعني: ظننتم أن الله لن يبعث أحداً منا من قبول القالب.