التفاسير

< >
عرض

فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ
٣١
وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٣٢
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ
٣٣
أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٤
ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٥
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى
٣٦
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ
٣٧
ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ
٣٨
فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ
٣٩
أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ
٤٠
-القيامة

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } [القيامة: 31]؛ يعني: القوى الجاهلة الكاذبة لا صدقت اللطيفة المبلغة، ولا صلت في دار الكسب بالقالب، { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } [القيامة: 32]؛ يعني: كذبت الوارد وتولت عن صاحب الوارد، { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } [القيامة: 33]؛ يعني: ثم ذهب إلى القوى القالبية والنفسية تنجر من حصول شهواتها العاجلة، واستيفاء حظوظها عن القوى العلوية على وفق هواها.
{ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } [القيامة: 34] التفاف الساق إلى الساق في هذه اليوم، { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } [القيامة: 35] يسود الوجه وبالملك بمشاهدته { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } [القيامة: 36]؛ أي: ظن الإنسان الغافل عن الله تعالى ركبه من جميع المفردات العلوية والسفلية، وجعله مختاراً في إرادته في الدنيا أن يتركه جهلاً، وكان خلقه عبثاً، { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } [القيامة: 37]؛ يعني: في بدء خلقته كان نطفة من مني يمنى من القوة الفاعلة الملقية إلى القوة القابلة، { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } [القيامة: 38] في تعليق النطفة المنتشرة في القوة القابلة حتى صارت مستحقة لنفخ الروح فيها، فلما نفخ فيها وتمت خلقته { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [القيامة: 39] من هذه النطفة التي صارت خلقته علقة، ثم صارت مضغة مخلقة وغير مخلقة لنفخ الروح، فاستوت خلقتها وتمت بينتها، فخلقنا من هذه القوى الفاعلة والقابلة ليظهر منها المشايخ الباقية المدركة المتنعمة والمتألمة، وجعلناها مظاهر لطفنا وقهرنا.
{ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ } [القيامة: 40] أليس الذي عمل هذه الأعمال في النطفة، وخلق صاحب النطفة بإرادته كما شاء مما يشاء يقدر أن يحيي القوى الميتة القالبية والنفسية غير المدركة بنتائجها الباقية وبما كسبت من الآلام الدائمة، بلى قادر على أن يحيي الموتى في الدنيا قبل نزع الآلات والأدوات منها لتعذر عن السيئات، وتتوب إلى خالق السماوات والأرض، وتحيا بعد نزع الآلات حياة طيبة أبد الآباد، وقادر على أن يحيي الموتى العقبى بعد نزع الاستعدادات لتشقى في الآخرة أبد الآباد ونحدد على ذلك؛ لأنا شاهدنا في أنفسنا وفي أنفس غيرنا مما أرسلهم الله إلينا لنداويهم فداويناهم وأحياهم الله تعالى، وشاهدوا كل الذي كتب في هذه السورة مشاهدة إيقان عيان عن غير ظن وحسبان، وصار إيمانهم الغيبي الذي يخبر الله عنهم في كلامه بقوله تعالى:
{ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } [البقرة: 3] أيماناً شهودياً وعيانياً ذوقياً أظهر من فلق الصبح.
ونسأل الله الثبات على هذه الطريقة النفسية الصفية المنسوبة إلى الصوفية حق الممات، وأن يحشرنا يوم القيامة تحت لواء سيد السادات صلى الله عليه وسلم وعلى آله أصحاب الكرامات، وأصحابه أهل المدرجات، والتابعين لهم بإحسان السالكين جميع المقامات الشاهدين في كل مقام من المقامات آياته البينات صلاة غير منقطعة أبد الآباد آمين آمين آمين.