التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا مَن طَغَىٰ
٣٧
وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا
٣٨
فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ
٣٩
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ
٤٠
فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ
٤١
يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا
٤٢
فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا
٤٣
إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ
٤٤
إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا
٤٥
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَٰهَا
٤٦
-النازعات

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ } [النازعات: 37] بآيات أمر اللطيفة { وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } [النازعات: 38]؛ أي: اختار اللذة العاجلة على اللذة الآجلة { فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } [النازعات: 39]؛ لأنه آوى في الدنيا وسط جحيم الهوى، فاليوم أيضاً إذا برزت الجحيم وكشف أستارها شاهد نفسه في وسطها، وطالع جزاء الأعمال الفاسدة فيها المدخرة فيها، { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } [النازعات: 40] في الدنيا { وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } [النازعات: 40] ومنع نفسه عن التورط في جحيم الهوى، { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } [النازعات: 41]؛ لأنه كان في الدنيا آوى نفسه في جنة القلب بتركه ما اشتهت على وفق الهوى.
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } [النازعات: 42] وهي قيامة القلب { أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } [النازعات: 42]؛ يعني: متى ظهورها؟ { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ } [النازعات: 43-44]؛ أي: منتهى الساعة إلى الرب؛ يعني: منتهي إلى الرب تلك الساعة الممدود سويعاتها من أسرار مطلع القرآن؛ يعني: انتهاؤها إلى ربها؛ أي: لا تعلمها والله أخفاها لحكمة إظهارها لا يجوز قبل أوانها، وهي أيضاً تتعلق بحد القرآن، { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا } [النازعات: 45]؛ يعني: لست أنت مطلعاً على علم الساعة بل أنت منذر من يخشى الساعة { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا } [النازعات: 46]؛ أي: كأن السائلين { يَوْمَ يَرَوْنَهَا } [النازعات: 46] يوم يشاهدون تلك الساعة { لَمْ يَلْبَثُوۤاْ } [النازعات: 46] في الدنيا { إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَٰهَا } [النازعات: 46]؛ يعني: عشية استراحة القوى أو ضحى الكسب بها.
فيا أيها المنتظر للساعة لو تشاهدها لم تلبث ساعة في قالبك للاستراحة أو الكسب، وتسارع إلى حضرة الرب فلا ينفع للسالك في هذا المقام إلا التوجه الكلي، ولو لم يكن توجهه إلى الحق في الأعمال بل كان توجهه إلى جنة مشتهيات النفس في دار البقاء لا ينخرط في تلك الساعة في سلك إلا بالهمة.
اللهم ارفع همتنا واصرف توجهنا من أعمالنا إليك بمحمد صلى الله عليه وسلم.