التفاسير

< >
عرض

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ
١
ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
٢
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
٣
أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ
٤
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ
٥
يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٦
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
٧
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
٨
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
٩
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٠
ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
١١
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
١٢
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣
-المطففين

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

أيها المطفف، الذي يأخذ من القوى العلوية بكيل وفيّ ولا يعطي حقه من القوى السفلية إلا بوزن طفيف وكيل منقوص، أما سمع ما يقول رب العالمين للمطففين في كلامه القديم حيث يقول: { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين: 1-3]؛ يعني: يكيلون على الحفظة أعمالهم الناقصة، ويزنون حظوظ القوى من القوى السفلية في التفكر في آلاء الله ونعمائه، والاعتبار بما في عالم الآفاق، واستماع المواعظ بوزن خاسر، ويستوفون حظوظها من القوى العلوية من الحياة والعقل وغيرهما مما نكب بها نفسها بالحظوظ العاجلة على وفق سواها، ولولاها لكانت مثل البهائم في جذب المنافع ودفع المضار عن نفسه، وخسران وزنهم يرجع إلى أعمالهم الباطنة مثل: الحضور، والإخلاص، والصدق، والنية، والتوجه وأمثالها، وخسران كيلهم يرجع إلى الأعمال التي تتعلق بالحواس الظاهرة مثل: أركان الصلاة، والإمساك والشرب، وإيتاء الزكاة وأشبهها.
{ أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } [المطففين: 4-5]؛ يعني: هؤلاء يظنون أنهم غير مبعوثين من قبور قوالبهم ليوم عظيم شأنه
{ يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [الطارق: 9] من الصدور وتشهد الأعضاء على كل ما صدر عن صاحبه وورد عليه { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ } [المطففين: 6] من قبور قوالبهم { لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [المطففين: 6] لأمر ربه ليجزي كل نفس بما كسبت، { كَلاَّ } [المططفين: 7]؛ أي: ليس الأمر كما ظنوا، { إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } [المطففين: 7]؛ يعني: كتاب القوى الفاجرة يصعد إلى السماء؛ أي: سماء الصّور؛ فأبت السماء أن تقبله فرد ونزل إلى الأرض؛ أي: أرض القالب فأبت الأرض أن تقبله فصار متردداً فيأمر الله تعالى حتى يسحبوه من سجين؛ وهو موضع الشيطان تحت سبع أرضين الأعضاء السبعة مثل الجب الذي لا يكون له قعر ولا نهاية، قعره يدل على أنه مظهر لصفة قهر الحق وفيه أسرار تتعلق بحد القرآن، { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } [المطففين: 8]؛ أي: سجين موضع يسجن فيه كتاب الفجار الذي هو كتاب { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } [المطففين: 9]؛ يعني: مكتوب فيه أعمالهم كالأعلام المرقومة على الثياب بحيث لا يفنى بالغسل، وهذه إشارة إلى: تثبت الأعمال وجوديته الفاسدة على وجودهم بحيث صارت الأعمال وجودية ذاتية لهم ولأجل هذا يخلدون في العذاب، { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } [المطففين: 10-12]؛ أي: لا يكذب بيوم الجزاء إلا قوة عبدة قالبية أو أثيمة نفسية قالت: هكذا جبلت النفس، { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [المطففين: 13]؛ يعني: إذا تتلى على تلك القوى الآيات الأنفسية قالت: هكذا جبلت النفس فإذا غلبت عليها خلطة السوء يشهد أشياء هائلة، وهي من قبيل الخيالات.