التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ
١٤
بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً
١٥
فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ
١٦
وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ
١٧
وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ
١٨
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ
١٩
فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٢٠
وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ
٢١
بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ
٢٢
وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ
٢٣
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٢٤
إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
٢٥
-الانشقاق

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ إِنَّهُ ظَنَّ } [الانشقاق: 14] في دار الدنيا { أَن لَّن يَحُورَ } [الانشقاق: 14]؛ أي: لن يرجع إلينا { بَلَىٰ } رجوعه كان إلينا.
{ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } [الانشقاق: 15] كان بمشهد الحق كل ما كان عامله من اتباع الهوى ومخالفة أمر المولى، { فَلاَ أُقْسِمُ } [الانشقاق: 16]؛ أي: أقسم بالسر الذي أودعت { بِٱلشَّفَقِ } [الانشقاق: 16] عند غروب شمس الروح، { وَٱللَّيْلِ } [الانشقاق: 17]؛ أي: والسر الذي أودعته بجلالي في سوار ليلة الموت وفوت ضياء الشمس، { وَمَا وَسَقَ } [الانشقاق: 17]؛ أي: والسر الذي أودعت في ضم المنتشرات وجمع المتفرقات حالة النزع، { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } [الانشقاق: 18] والسر الذي أودعت في قمر القلب في تلك الساعة إذا أتم نوره ليبصر به عند كشف الغطاء الذي يكون بصره حديداً ويتمنى الرجوع والمهلة ولا ينفعه التمني.
{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } [الانشقاق: 19]؛ يعني: لتركبن اللطيفة المطاوعة درجة بعد درجة في تلك الساعة، ورتبة بعد رتبة حتى تقربها إلى الله زلفى، { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الانشقاق: 20] هذا استفهام بمعنى الإنكار؛ أي: فما للقوى الكافرة لا يؤمنون، فهذا مخصوص في عالم الأنفس بالسالك الذي شاهد طيفه يصعد إلى الحق، وأنكر بعد ذلك الصور بتلقين الشيطان، وكذَّب تلك الحالة وظن أنه كان خيالاً، { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } [الانشقاق: 21] آيات الأنفس { لاَ يَسْجُدُونَ } [الانشقاق: 21]؛ أي: لا يتواضعون للحق ولا يؤمنون به، { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [الانشقاق: 22]؛ بل الذين جعلناهم مظاهر قهر، وحكمنا عليهم بالكفر { يُكَذِّبُونَ } [الانشقاق: 22] هذه الآيات { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } [الانشقاق: 23]؛ أي: بما يحفظون في صدورهم؛ لأنه أودع فيهم سر مظهريتهم لقهره، { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الانشقاق: 24] وهذا سخره لهم { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [الانشقاق: 25]؛ أي: غير مقطوع ولا منقوص، فعليك أيها السالك أن تخضع لأمر الحق، وتصدق الآيات الأنفسية التي تطرأ عليك والقرآن الذي يقرأ عليك لطيفتك السرية، وتؤمن بالحق الذي أنزل عليك، وتعمل بما فيه ليكون لك أجراً غير ممنون.
اللهم ارزقنا الإيمان الصحيح بالآيات الأنفسية والأفاقية بمحمد صلى الله عليه وسلم.