التفاسير

< >
عرض

إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ
١
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
٢
وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ
٣
وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ
٤
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
٥
يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ
٦
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ
٧
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً
٨
وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً
٩
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ
١٠
فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً
١١
وَيَصْلَىٰ سَعِيراً
١٢
إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً
١٣
-الانشقاق

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

أيها الكادح لربك؛ القادح في أمر لطيفتك، الفاضح نفسك، { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [الانشقاق: 1]؛ يعني: إذا انشقت سماء صدرك { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } [الانشقاق: 2] في انشقاقها { وَحُقَّتْ } [الانشقاق: 2]؛ أي: تطيع أمر الرب وهو يوم قادح، { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } [الانشقاق: 3]؛ أي: أرض البشرية مدت في عينيك لا يقى فيها عوجاً ولا أمتاً { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } [الانشقاق: 4]؛ ألقت ما فيها من كنوز القوالب والاستعدادات { وَتَخَلَّتْ } [الانشقاق: 4]؛ أي: ما بقيت فيها من القوى، وخلت بالكلية منها، وانتزعت عنها شاءت أم أبت { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } [الانشقاق: 5]؛ أي: وحق لها أن تطيع أمر ربها.
{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً } [الانشقاق: 6] أيتها اللطيفة الباقية الإنسانية، إنك مسرعة إلى ربك في عملك، فانظري ما عملت خيراً عملت لتكوني مسارعة إلى لطفه، أم شراً عملت لتكوني مسارعة إلى قهره { فَمُلاَقِيهِ }؛ أي: تشاهدين جزاء الشر لا محالة، وكلكم في تلك الحالة مسارعون إلى ربكم بأمر الرب حيث يقول:
{ وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } [آل عمران: 133] فطوبى لمن سارع إلى مغفرة، وويل لمن [كفر] نعمته، { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } [الانشقاق: 7-8] وهو المسارع إلى مغفرة الرب، { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } [الانشقاق: 9]؛ أي: ينقلب إلى قواه الطائعة له المؤمنة بربه، مسروراً معه مغفوراً { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } [الانشقاق: 10] وهو المسارع إلى نعمته؛ لأنه كان متوجهاً إلى الدنيا مدبراً عن العقبى، فلأجل ذلك أوتي كتابه وراء ظهره؛ لأن كل ما عمل بقي وراء ظهره وما قدم لنفسه عملاً صالحاً، { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } [الانشقاق: 11] ينادي بالويل والثبور ويدعو هو بنفسه على نفسه بالويل والثبور حين يهوى به في السعير كقوله تعالى: { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً * إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } [الانشقاق: 12-13]؛ يعني: في الدنيا مع القوى الكافرة كان مسروراً باتباع الشهوات والتلذذ بالمنهيات على وفق هواه.