التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ
١
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ
٢
ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ
٣
إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ
٤
فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ
٥
خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ
٦
يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ
٧
إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
٨
يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ
٩
-الطارق

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

أيها الطارق في ليل القالب من سماء الصدر الطالب، محبوب القلب الكاسب، مطلوب الرب في سوق القدر، اعلم أن الله أقسم بالسماء والطارق في كتابه بقوله: { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ * ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } [الطارق: 1-3]؛ يعني: النجم المضيء من نور العرش الذي هو مستوى الرحمن، يطرق من السماء إلى عالم البشرية في ظلمة ليل القالب، { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } [الطارق: 4] جواب القسم؛ يعني: ليس كل نفس لما عليها منا حافظ، وحفظتك من هذا القبيل يحفظونك من العاهات الجسمانية والآفات الروحانية، وأنت غافل عن نفسك وعن حفظك وتحسب أنك خلقت للأكل والشرب، والجماع كالبهائم ولا تتفكر في خلقك { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } [الطارق: 5-7] النازل من سماء صدرك، أما تعلم أن الله خلق لطيفتك الإرادية من ماء الرحمن المصبوب في رحم قالبك مما كان مودعاً في صلب روحك، ومن ماء التربية المستودع في ترائب قالبك وقت التخمير؟
{ إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } [الطارق: 8]؛ يعني: أن الله قادر على رجعه { لَقَادِرٌ } إلى أصله إن لم يعطه حقه، فالواجب عليك أيها المريد، أن تغتنم نزول اللطيفة الإرادية في قلبك وتربيها أحسن مما يربي أحد ولده العزيز؛ لأن ذلك الولد عدو لك وفتنة لك، وهذا الولد مبارك عليك حبيب لك يوصلك إلى حضرة ربك { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [الطارق: 9] يظهر لكل أحد في ذلك اليوم سر هذا الولد العزيز ويندم على تقصيره في تربيته ولا ينفعه الندم.