التفاسير

< >
عرض

وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ
١٤
وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ
١٥
وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
١٦
أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
١٧
وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ
١٨
وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ
١٩
وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ
٢٠
فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ
٢١
لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ
٢٢
إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ
٢٣
فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ
٢٤
إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ
٢٥
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ
٢٦
-الغاشية

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } [الغاشية: 14] موضوعة في حانة أنفسهم؛ وهي الاستعدادات القالبية مملوءة من شراب المحبة ورحيق المشاهدة { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } [الغاشية: 15]؛ أي: وسائد الرحمة مصفوفة ليتكئوا عليها كما يتكئوا على وسائد وكالته في عالم القلب، { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } [الغاشية: 16]؛ أي: فرشوا البسط مبسوطة في بساط الباسطة، { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } [الغاشية: 17] إن كنتم تشكون وتعجبون مما ذكرنا، أفلا ينظرون إلى إبل الشوق كيف خلقت؛ لتكون مركبهم ويصلون عليها إلى هذا المقام الذي لا يصل إليه أحد { إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ } [النحل: 7] أفلا ينظرون إلى سماء صدورهم كيف رفعت، وإلى جبال قالبهم كيف نصبت، وإلى أرض بشريتهم كيف سطحت كما يقول في كتابه: { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } [الغاشية: 18-21] أيها النائب لمحمد صلى الله عليه وسلم القائم مقامه في وجود كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم { إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ }؛ يعني: خلقت في وجود كل أحد لطيفة أحمدية وقوة محمدية؛ ليذكرهم قواها من الغاشية، وينذرهم بالنار الحامية والعين الآنية، ويبشرهم بالجنة العالية والعين الجارية والفرش المرفوعة والنمارق المصفوفة والزرابي المبثوثة، { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } [الغاشية: 22]؛ أي: ليست بمسلط على هذه القوى لأنها خُلقت لعمل خاص متعلق بكل واحد منها، وما عليك إلا البلاغ والإنذار والإبشار.
{ إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ } [الغاشية: 23]؛ أي: القوى التي تولت عن الحق وعما خلقت له، { وَكَفَرَ } [الغاشية: 23]؛ أي: كفرت حتى بخالقها والحق الذي لأجله خلقت، { فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } [الغاشية: 24] بإعراض القوى عن الحق، وإقبالها على الباطل بعذاب فقدان الحق وهذا من أكبر العذاب، { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } [الغاشية: 25]؛ أي: رجوعهم إلى حضرة الحق { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } [الغاشية: 26]؛ يعني: الحق محاسبهم يوم الغاشية بإبطالهم الحقوق التي كانت ودائع الحق فيهم، وإحقاقهم الأباطيل التي كانوا مأمورين بإخراجها. فيها أيها السالك، اجتهد اليوم في إيتاء كل ذي حق حقه وإخراج الباطل عن نفسك؛ لتكون وجيهاً عند الله يوم الغاشية.
اللهم اجعل وجهي إليك ناظراً متنعماً بحق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصبحه أجمعين صاحب الوجاهة والقدر.