التفاسير

< >
عرض

وَٱلْفَجْرِ
١
وَلَيالٍ عَشْرٍ
٢
وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ
٣
وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ
٤
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ
٥
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ
٦
إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ
٧
ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ
٨
وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ
٩
وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ
١٠
ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ
١١
فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ
١٢
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
١٣
إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ
١٤
فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ
١٥
-الفجر

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

يا طالب رضا المولى، ويا هارباً من هاوية الهوى، ويا عارجاً في الدرجات العلى، ويا صاحب ذوي النهي، اعلم أن الله أقسم بالفجر؛ وهو قدر جمال الروح الفاعل، وبليال عشر؛ وهي اللطيفة الجلالية المسكَّنة في القالب؛ وهي السكينة والحلم، والتواضع والصبر، والحكمة والفيض، والغيرة والعزة، والهمة والثبات، وأقسم أيضاً بالشفع؛ وهو الأحوال الطارئة على النفس من الفقر والغنى، والخوف والرجاء، والفرح والحزن، والترح بامتثال الأوامر؛ وهو الحال الذي ظهر في الآخرة الباقية التي فيها ينادي لأهلها يا أهل الجنة فرح لا بعده ترح؛ ويا أهل النار ترح لا بعده فرح، وأقسم ثانياً بالليل إذا يسر؛ يعني: بالسير الذي جعل في الليل العظيم القدر، الذي رفع فيه قدر صاحبه وأسرى إلى سدرة المنتهى همته.
كما يقول الله تعالى: { وَٱلْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ * وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } [الفجر: 1-5]؛ أي: هل يقنع هذا القسم لمن كان له عقل بحِجر؛ أي: يمنعه عن تكذيب الحق في القسم، { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } [الفجر: 6-8]؛ يعني: ألم ترى القوى النفسية أن الله فعل بالقوى العادية التي نبت لنفسها من التنعم في ذات عماد قالبها إرم جنة من القول النباتية الخبيثة، متى شاءت على وفق هواها دخلت وأكلت من ثمارها، لم يخلق مثل ذلك الإرم في قوالب غيرها كيف خربها ربها.
{ وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } [الفجر: 9] جابوا صخور جبال القالب ليأمنوا من عذاب الرب، { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ * ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } [الفجر: 10-11]؛ أي: القوة القالبية الكاملة في الباطلة فسدت أركانها وأحكمت أوتادها بهواها، وطغت في بلاد القالب على جميع القوى القالبية { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } [الفجر: 12] وأراد أن يظهر على سماء الصدر، ورحاب مع الرب { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } [الفجر: 13]؛ يعني: فرد كيدهم في نحورهم، وأدخلهم النيران التي أوقدوها، وخرب جنانهم التي بنوها، { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [الفجر: 14] هذا جواب القسم؛ يعني: وحق هذه اللطائف التي ذكرها ربك في وجودك إن ربك رباك وأودع فيك هذه اللطائف، { لَبِٱلْمِرْصَادِ }؛ يعني: يرصدك ويراك في تقلبك ويسمع نجواك ولا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا في الأرض القالب، ولا في الصدور، ولا في نهار الروح، ولا في ظلمة ليل النفس، ولا في أطوار القلب.
{ فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } [الفجر: 15]؛ يعني: إذا فتح عليه بأنوار البسط يقول: إني من المكرمين عند ربي.