التفاسير

< >
عرض

يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي
٢٤
فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ
٢٥
وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ
٢٦
يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ
٢٧
ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً
٢٨
فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي
٢٩
وَٱدْخُلِي جَنَّتِي
٣٠
-الفجر

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [الفجر: 24] هذه آية تدل على: أن الرجل ما دام في قبر قالبه كان ميتاً فإذا خرج منه يصير ذي حياة وعلم وبصر، { يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [الفجر: 24] في تلك الحالة التي هي بالنسبة للحياة الأبدية مماتاً للأعمال الصالحة لا ينفعني اليوم.
{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } [الفجر: 25-26]؛ يعني: يعذب بعذاب الحسرة والندامة الدائمة، ويوثقه بالقيود الملائكية يأخذ الآلات والأدوات عنه وسعوره، بل لا سبيل له إلى الرجوع ولا سبيل له إلى الخلاص من هذا العذاب أبد الآبدين ودهر الداهرين، { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } [الفجر: 27]؛ أي: القوى النفسية المطمئنة الخفية، المصدقة لها المؤتمرة بأمرها، المنتهية عما نهتها المشغلة بحفظ حقوقها، التاركة حظوظها العاجلة، المعرضة عن هواها المقبلة على مولاها { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } [الفجر: 28] حين خروجها من قبر قالبها { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } [الفجر: 29] بعد التجاوز عن العقبة الكؤود النفسانية { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } [الفجر: 30]؛ يعني: في جنة القلب المضاف إلى الرب لشرفها. فيا أيها السالك، أعبر بهذه الحالات واعتبر عن مشتهيات النفس الأمارة؛ لتكون من الداخلين جنة الرب، ولا تفرح بالبسط ولا تحزن بالقبض، وكن في كلتا الحالتين ذاكرا للرب لئلا تكون من الذين يعبدون الله على حرف كما ذكرهم الله كتابه.
اللهم اجعل نفسنا مطمئنة راضية مرضية وثبتنا على متابعة حبيبك محمد خير البرية صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان كل غدوة وعشية.