التفاسير

< >
عرض

وَٱلضُّحَىٰ
١
وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ
٢
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ
٣
وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ
٤
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ
٥
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ
٦
وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ
٧
وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ
٨
فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
٩
وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ
١٠
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
١١
-الضحى

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

اعلم يا طالب اللطيفة الجمالية والجلالية في اللطيفة الخفية التي هي محمد وجودك إن الله في كلامه القديم وقت إسبال الحجاب الجلالي على وجه جمال حال محمد ليتم معرفة الحقيقة بعد النكرة التي هي حال جمال الحال حيث قال: { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } [الضحى: 1-2]؛ أي: وحق اللطيفة الجمالية المستودعة في روحك وحق اللطيفة الجلالية المستكنة في نفسك إذا سجى بالحجاب الجلالي على وجه ضحى اللطيفة الجمالية والسر في إطلاق وتقييد الليل، هو في هذه الحالة رجحت اللطيفة الجمالية بإسبال حجاب اللطيفة الجلالية لإكمال المعرفة فاحتاج إلى إخبار إسدال الحجاب بقوله: { إِذَا سَجَىٰ }، ثم يقول بعد القسم: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } [الضحى: 3] بإسبال الحجاب { وَمَا قَلَىٰ } [الضحى: 3] لظهور سلطان النكرة { وَلَلآخِرَةُ } [الضحى: 4]؛ يعني المعرفة الأخيرة التي تطلع من أفق قلبك بعد هذه النكرة { خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } [الضحى: 4] السابقة على هذه النكرة؛ لأنها كانت من معارف الملكوت والمعرفة التي تحصل لك في صدق هذه النكرة هي الدرة اليتيمة وهي من المعارف الجبروتية.
{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } [الضحى: 5]؛ أي: يعطيك من المعارف اللاهوتية التي كنت تسألها في دعائك تقول:
"اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه" وهذه المعرفة مثل الدرة اليتمية درر المعارف وسوف يدل على أنه أعطاه بعد قوله: { يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } [الضحى: 5] وفاء التعقيب أيضاً تدل على أنه وصل بعد رفع حجاب النكرة إلى هذه المعرفة المطلوبة، وقوله: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ } [الضحى: 6].... إلى آخره، أيضاً يدل على أنه واصل إلى المعارف اللاهوتية؛ لأنه تعالى يقول امتنانا عليه وتعليماً له في التخلق بخلق مع خلق الله حين يقول: { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } [الضحى: 7]؛ يعني: ألم يجدك درة لطيفة وأنانيتك يتيماً فريداً وحيداً ما كان لها مُرب في صغرها فرباها وآواها في تاج المحبوبية { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } [الضحى: 8] في عالم الجبروت؛ يعني: كنت ضالة بطريق الدقائق الجبروتية محرومة عن معارف الصفات الفعلية، وكيفية استعمال رقائق الصفات دقائق الأفعال؛ ليظهر منها شقائق الآثار وحقيقة ارتباط الشقائق بالدقائق والدقائق بالرقائق والرقائق بالحقائق، فهذه لطيفتك إلى هذه المعارف كلها على سبيل التفصيل، { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } [الضحى: 8]؛ أي: فقيراً إلى معارف عالم اللاهوت وحقائقه المتصلة بالذات الواحدة التي بها رقائق الصفات الجبروتية فائقة فهل كله يقول في مقام الامتنان.
ثم يقول في مقام التعليم: { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ }[الضحى: 9] الذي يكون في عالم الملكوت { فَلاَ تَقْهَرْ } [الضحى: 9] والطف به واهده إلى معارف الدقائق الملكوتية بالرفق وآوه في رياض قدس سرك كما آويناك.
{ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ } [الضحى: 10] الذي يسأل عنك في عالم الجبروت من دقائق الصفات { فَلاَ تَنْهَرْ } [الضحى: 10]؛ لأن للسائل حقاً وهو دخيل في عالم الجبروت وضال طريق هداه إلى الرقائق المتصلة بالحقائق فأرشده واهده كما هديناك { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } [الضحى: 11]: أي: بنعمة معارف الحقائق اللاهوتية التي ربيناك بصفات الربوبية ثم أنعمنا بها عليك فحدث مع كل أحد من أمم قواك على قدر عقولهم ولأجل هذا قال صلى الله عليه وسلم
"نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم" وأوتي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام جوامع الكلام حيث لو تكلم بكلمة وجيزة أخذ منها الخاص والعام كلهم على قدر استعدادهم، فأيديهم وكانت مندرجة في كلمة وجيزة معان كثيرة فاجتهد أيها السالك أن تكون في هذا المقام مؤدباً بآداب رسولك مع ربك متخلق بخلق الله مع خلق الله في عالم شهادتك وغيبك ليمكن لك أن تؤدي حق هذا المقام وتتمتع بعده بالمقام المحمود المخصوص بمحمد أحمد للخلائق بأخلاقه الحميدة القسام بي الخلق رزق الخلق الخلائق، وفيه اسرار تتعلق بحد القرآن فادرج أيها الإنسان الغالب عليك النسيان وتوكل على الرحيم الملك المستعان مالك الدنيا في السرور والأحزان لتكون في ملكك وملكوتك مهدي إلى آخر الزمان.