التفاسير

< >
عرض

سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٢١١
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

الإعراب: كَم في موضع نصب لأنه مفعول ثان لآتينا وإنما وجب لـه صدر الكلام لتضمنه معنى الاستفهام ثم إن هذه الجملة التي هي { كم آتيناهم من آية } قد وقعت موقع المفعول الثاني لقولـه: { سل } من آية يتعلق بآتينا أيضاً وما حرف موصول جاءت صلته والموصول والصلة في موضع جر بإضافة بعد إليه.
المعنى: { سل } يا محمد { بني إسرائيل } أي أولاد يعقوب وهم اليهود الذين كانوا حول المدينة والمراد به علماؤهم وهو سؤال تقرير لتأكيد الحجة عليهم { كم آتيناهم } أي أعطيناهم { من آية بيّنة } من حجة ظاهرة واضحة مثل اليد البيضاء وقلب العصا حية وفلق البحر وتظليل الغمام عليهم وإنزال المنّ والسلوى عن الحسن ومجاهد وقيل كم من حجة واضحة لمحمد تدلّ على صدقه عن الجبائي { ومن يبدّل نعمة الله من بعد ما جاءته } في الكلام حذف وتقديره فبدّلوا نعمة الله وكفروا بآياته وخالفوه فضلّوا وأضلّوا ومن يبدل الشكر عليها بالكفران وقيل من يصرف أدلة الله عن وجوهها بالتأويلات الفاسدة الخالية من البرهان { فإن الله شديد العقاب } لـه وقيل شديد العقاب لمن عصاه فيدخل فيه هذا المذكور وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة في أنه ليس لله سبحانه على الكافرين نعمة لأنه حكم عليهم بتبديل نعم الله كما قال في موضع آخر يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ونحو ذلك من وجه آخر وهو أنه أضاف التبديل إليهم وأوعدهم عليه بالعقوبة فلو لم يكن فعلـهم لما استحقوا العقوبة. والتبديل هو أن يحرف أو يكتم أو يتأول على خلاف جهته كما فعلوه في التوراة والإنجيل وكما فعلوه مبتدعة الأمة في القرآن.
النظم: لمّا بيّن الله تعالى شرائعه وإن الناس فيها ثلاث فرق مؤمن وكافر ومنافق ثم وَعَدَ وأوْعَد بَيَّن بعد ذلك أن تركهم الإيمان ليس بتقصير في الحجج ولكن لسوء طباعهم وخبث أفعالـهم فقد فعلوا قبلك يا محمد هذا الصنيع فقال { سل بني إسرائيل }.