التفاسير

< >
عرض

وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ
٢٤١
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
٢٤٢
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

الإعراب: الوجه في انتصاب قولـه حقاً مثل ما بيناه فيما قبل في قولـه حقاً على المحسنين كذلك الكاف يتعلق بيبين أي مثل هذا البيان يبين لكم.
النزول: قيل لما نزلت { ومتعوهن على الموسع قدره } إلى قولـه { حقاً على المحسنين } قال بعضهم إن أحببتُ فعلت وإن لم أرد ذلك لم أفعل فأنزل الله هذه الآية عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
المعنى: لما قدّم سبحانه بيان أحوال المعتدات عقبه ببيان ما يجب لـهن من المتعة فقال { وللمطلقات متاع بالمعروف } اختلف فيه فقال سعيد بن جبير وأبو العالية والزهري: إن المراد بهذا المتاع المتعة وإن المتعة واجبة لكل مطلقة، وقال أبو علي الجبائي: المراد به النفقة وهو المتاع المذكور في قولـه متاعاً إلى الحول وقال سعيد بن المسيب الآية منسوخة بقولـه تعالى
{ { فنصف ما فرضتم } [البقرة: 237] وعندنا أنها مخصومة بتلك الآية إن نزلتا معاً وإن كانت تلك متأخرة فمنسوخة لأن عندنا لا تجب المتعة إلا للمطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لـها مهر فأما المدخول بها فلـها مهر مثلـها إن لم يسم لـها مهر وإن سمى لـها مهر فما سمى لـها وغير المدخول بها المفروض مهرها لـها نصف المهر ولا متعة في هذه الأحوال وبه قال الحسن فلا بد من تخصيص هذه الآية وذكرنا الكلام في المتعة عند قولـه { ومتعوهن } وقولـه { بالمعروف حقاً على المتقين } مضى تفسيره وخص المتقين هنا كما خص المحسنين هناك { كذلك يبين الله لكم آياته } أي كما بين الله لكم الأحكام والآداب التي مضت مما تحتاجون إلى معرفتها في دينكم يبين لكم هذه الأحكام فشبِّه البيان الذي يأتي بالبيان الماضي والبيان هو الأدلة التي يفرق بها الحق والباطل { لعلكم تعقلون } معناه لكي تعقلوا آيات الله وقيل معناه لعلكم تكمل عقولكم فإن العقل الغريزي إنما يكمل بالعقل المكتسب والمراد به استعمال العقل مع العلم به ومن لم يستعمل العقل فكأنه لا عقل لـه وهذا كقولـه تعالى { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة } [النساء: 17] جعلـهم جُهّالاً لأنهم آثروا هَوَاهم على ما علموا أنه الحق.