التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٥
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: أولئك اسم مبهم يصلح لكل حاضر تعرفه الإشارة وهو جمع ذلك في المعنى وأولاء جمع ذا في المعنى ومن قصر قال أولا والاك وأولالك وإذا مدَّ لم يجز زيادة اللام لئلا يجتمع ثقل الزيادة وثقل الهمزة قال الشاعر:

أُلالِكَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً وَهلْ يَعِظُ الضّلِّيلَ أُولالِكا

والمفلحون المنجحون الفائزون والفلاح النجاح قال الشاعر:

إِعْقِلِي إِن كُنْتِ لَمَّا تَعْقِلِي فَلَقَدْ أفْلَحَ مَنْ كانَ عَقَلْ

أي ظفر بحاجته والفلاح أيضاً البقاء قال لبيد:

نَحْلّ بِلاداً كُلُّها حُلَّ قَبْلَنَا ونَرْجُو الفَلاحَ بَعْدَ عادٍ وَتُبَّعَا

وأصل الفلح القطع ومنه قيل الفلاح للأكّار [الحراث] لأنه يشق الأرض وفي المثل الحديد بالحديد يفلح فالمفلح على هذا كأنه قطع له بالخير.
الإعراب: موضع أولئك رفع بالابتداء والخبر على هدىً من ربهم وهو اسم مبني والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب وكسرت الهمزة فيه لالتقاء الساكنين وكذلك قولـه وأولئك هم المفلحون إلا أن قولـه هم فيه وجهان أحدهما: أنه فصل يدخل بين المبتدأ أو الخبر وما كان في الأصل مبتدأ وخبراً للتأكيد ولا موضع له من الإعراب والكوفيون يسمونه عماداً وإنما يدخل ليؤذن أن الاسم بعده خبر وليس بصفة وإنما يدخل أيضاً إذا كان الخبر معرفة أو ما أشبه المعرفة نحو قولـه تعالى:
{ { تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً } [المزمل: 20] والوجه الآخر أن يكون هم مبتدأ ثانياً والمفلحون خبره والجملة في موضع رفع بكونها خبر أولئك.
المعنى: لما وصف المتقين بهذه الصفات بيَّن ما لهم عنده تعالى فقال أولئك إشارة إلى الموصوفين بجميع الصفات المتقدمة وهم جملة المؤمنين على هدى من ربهم أي من دين ربهم وقيل على دلالة وبيان من ربهم وإنما قال من ربهم لأن كل خير وهدى فمن الله تعالى إما لأنه فعله وإما لأنه عرض له بالدلالة عليه والدعاء إليه والإثابة على فعله وعلى هذا يجوز أن يقال الإيمان هداية منه تعالى وإن كان من فعل العبد ثم كرر تفخيماً فقال وأولئك هم المفلحون أي الظافرون بالغية والباقون في الجنة.
النزول: قال مجاهد أربع آيات من أول السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدها نزلت في الكافرين وثلاث عشرة آية بعدها نزلت في المنافقين.