التفاسير

< >
عرض

فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠
-آل عمران

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: حذف عاصم وحمزة والكسائي الياء من اتبعني اجتزاء بالكسرة واتباعاً للمصحف واثبتها الباقون على الأَصل.
الحجة: حذف الياء في أواخر الآي أحسن لأَنها تشبه القوافي ويجوز في وسط الآي أيضاً وأحسنها ما كان قبلـها نون مثل قولـه ومن اتبعن فإن لم يكن نون جاز أيضاً نحو قولك هذا غلام وما أشبه ذلك والأَجود إثبات الياء وإن شئت أسكنت الياء وإن شئت فتحتها.
الإعراب: ومن اتبعن في محل الرفع عطفاً على التاء في قولـه أسلمت ولم يؤكد الضمير فلم يقل أسلمت أنا ومن اتبعن ولو قلت أسلمت وزيد لم يحسن إلا أن تقول أسلمت أنا وزيد وإنما جاز هنا لطول الكلام فصار طولـه عوضاً من تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل.
المعنى: لما قدم الله سبحانه ذكر الإِيمان والإسلام خاطب نبيه فقال { فإن حاجوك } المعنى فإن حاجك وخاصمك النصارى وهم وفد نجران { فقل } يا محمد { أسلمت وجهي لله } وفيه وجهان أحدهما: أن معناه انقدت لأَمر الله في إخلاص التوحيد لـه والحجة فيه أنه ألزمهم على ما أقروا من أن الله خالقهم اتباع أمره في أن لا يعبدوا إلا إياه والثاني: أن معناه أعرضت عن كل معبود دون الله وأخلصت قصدي بالعبادة إليه وذكر الأَصل الذي يلزم جميع المكلفين الإِقرار به لأَنه لا يتبَّعض فيما يحتاج إلى العمل عليه في الدين الذي هو طريق النجاة من العذاب إلى النعيم ومعنى وجهي هنا نفسي وأضاف الإِسلام إلى الوجه لأَن وجه الشيء أشرف ما فيه لأَنه يجمع الحواس وعليه يظهر آية الحزن والسرور فمن أسلم وجهه فقد أسلم كلـه ومنه قولـه
{ { كل شيء هالك إلا وجهه } [القصص: 88] { ومن اتبعني } أي ومن اهتدى بي في الدين من المسلمين فقد أسلموا أيضاً كما أسلمت { وقل } يا محمد { للذين أوتوا الكتاب } يعني اليهود والنصارى { والأُميين } أي الذين لا كتاب لـهم عن ابن عباس وغيره وهم مشركو العرب وقد مرّ تفسير الأُمي واشتقاقه عند قولـه ومنهم أميون { أأسلمتم } أي أخلصتم كما أخلصت لفظه لفظ الاستفهام وهو بمعنى التوقيف والتهديد فيكون متضمناً للأَمر فيكون معناه أسلموا فإِن الله تعالى أزاح العلل وأوضح السبل ونظيره فهل أنتم منتهون أي انتهوا وهذا كما يقول الإِنسان لغيره وقد وعظه بمواعظ أَقَبِلْتَ وعظي يدعوه إلى قبول الوعظ { فإن أسلموا فقد اهتدوا } إلى طريق الحق { وإن تولوا } أي كفروا ولم يقبلوا وأعرضوا عنه { فإنما عليك البلاغ } معناه فإنما عليك أن تبلغ وتقيم الحجة وليس عليك أن لا يتولوا { والله بصير بالعباد } معناه ها هنا إنه لا يفوته شيء من أعمالـهم التي يجازيهم بها لأَنه بصير بهم أي عالم بهم وبسرائرهم لا يخفى عليه خافية وقيل معناه عالم بما يكون منك في التبليغ ومنهم في الإِيمان والكفر.